للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك الشاعر بوعلام بن الطيب السجراري الذي تحدث عن ثورة درقاوة ضد العثمانيين، ولما كنا قد أشرنا إلى هذه الثورة في السابق فإننا نكتفي هنا بالإشارة إلى القصيدة فقط، ذلك أن الشاعر كان متحمسا ضد الأتراك وكان يطعن فيهم وفي سياستهم وأخلاقهم، وقد صور كل ذلك خير تصوير وأنفذه، وخصوصا انهزام الأتراك على يد الدرقاويين بقيادة عبد القادر بن الشريف:

كي قصة الأجواد مع أتراك النوبة ... يوم أن فزعهم ابن الشريف أو جاو (١) ولا شك أن الشعراء الشعبيين كانوا بالمرصاد لالتقاط الأحداث السياسية والاقتصادية وغيرها كما أشرنا، فقد قالوا في فتح وهران الأول والثاني، وقالوا في المجاعات والطواعين والزلازل التي حلت بالبلاد، ومدحوا بعض الحكام وهجوا آخرين منهم، وانتصروا لبعض الثورات وكانوا ضد أخرى، وليس من غرضنا هنا تتع ذلك أو إحصاؤه.

وكما اهتم الشعر الشعبي بالحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية،

اهتم أيضا بالدين ورجاله، فقد عرفنا أن شاعرا كبيرا في الفصيح، وهو سعيد المنداسي، عالج المدائح النبوية وغيرها من النواحي الدينية في قصيدة ملحونة تعرف بـ (العقيقة) وهي التي شرحها أبو راس وابن سحنون، وكانت موضع حديث الناس مثقفين وغير مثقفين (٢). وكتب أحد الصالحين، وهو موسى اللالتي قصيدته المشهورة (حزب العارفين) بالملحون أيضا، تعرض فيها ليس فقط لرجال التصرف وأهل الصلاح، ولكن أيضا إلى رجال السياسة


(١) مقدمة (الثغر الجماني)، ٣٨. وكذلك (در الأعيان في أخبار مدينة وهران) لحسين خوجة (مخطوط)، ترجمة روسو سنة ١٨٥٥ في جريدة (لومونيتور الجيريان). رقم ١٣٩٥ - ١٣٩٨.
(٢) للمنداسي أيضا شعر ملحون يوجد في المكتبة الملكية - الرباط، رقم ١٠٣٠٥، وله ديوان مطبوع، وقد ترجم (العقيقة) إلى الفرنسية الجنرال الفرنسي، فور بيكي، ونشرها مع دراسة سنة ١٩٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>