للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسلوب أبي راس على العموم بسيط ويكاد يشبه العامي أحيانا، فهو يأتي بالنقود الكثيرة عن غيره، وأحيانا يسجع، ولكن شتان بين سجعه وسجع ابن سحنون، وإذا كان هذا يعتمد على ذوقه فإن أبا راس كان يعتمد على حفظه. فكتابه هام من جهة أنه يؤرخ للقبائل التي سكنت المنطقة، ويذكر أنسابها ويسند أخباره فلا يذكرها جزافا، بالإضافة إلى تناوله تاريخ علاقات المسلمين بغيرهم في حوض البحر الأبيض، ولا سيما الأندلس، وأبو راس يقف موققا مؤيدا ملتزما مع الباي ومع العثمانيين عامة، وكان في ذلك وفيا للنعمة، لأنه عاش في أكنافهم، ولولا رعايتهم له لوجد نفسه مهاجرا أو ضائعا كما هاجر وضاع غيره من علماء بلاده، ومع ذلك لم يسلم من العناء في أخريات أيامه (١).

ولدينا على الأقل ثلاثة تآليف أخرى تناولت هذه الفترة وأشادت بالباي محمد الكبير، وهي (رحلة الباي محمد الكبير) لأحمد بن هطال، أحد كتاب الباي المذكور، و (أنيس الغريب والمسافر في طرائف الحكايات والنوادر) (٢) لمسلم بن عبد القادر، و (الاكتفاء في حكم جوائز الأمراء والخلفاء) لمحمد المصطفى بن زرفة، أما الأول فقد تناول فيه ابن هطال غزوة الباي محمد الكبير للأغواط وعين ماضي وشلالة وغيرها من بلدات النواحي الغربية وتغلبه هناك على أتباع الطريقة التجانية الناشئة، وكان الباي يريد من غزوته إظهار عضلاته وقوته وتوسع إدارته وأوامره، وقد نجح في ذلك.

ولم يكن (أنيس الغريب والمسافر) لمسلم بن عبد القادر إلا رسالة في الحوادث التي مرت بها الناحية الغربية منذ حوالي سنة ١١٩٢ إلى حوالي سنة


(١) اطلعنا على نسخة المكتبة الوطنية - الجزائر رقم ٢٠٠٣، وقد ترجم الكتاب إلى الفرنسية السيد أرنو (المجلة الإفريقية). انظر دراستنا عن أبي راس (مؤرخ جزائري معاصر للجبرتي: أبو راس الناصر) في (مجلة تاريخ وحضارة المغرب) عدد ١٢ - ١٩٧٤، نشرت الدراسة أيضا في وقائع ندوة الجبرتي، القاهرة ١٩٧٦، وهي أيضا منشورة في كتابنا (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر).
(٢) المكتبة الوطنية - الجزائر، رقم ٢٣١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>