للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مقامات الحريري) وعلى (إسماع الأصم) ونحوها، ومهما كان الأمر فإن (عقد الجمان النفيس) محسوب من تراجم المتصوفين.

ويعتبر كتاب (البستان) لابن مريم المديوني من أهم المعاجم في تراجم الرجال، فقد كتبه في بداية القرن الحادي عشر ورتبه على حروف المعجم مبتدئا بمن اسمه أحمد. والمفروض أن الكتاب خاص بالتراجم التلمسانية

ولكن قارئه يجد فيه تراجم لمصريين وشاميين وقيراونيين وفاسيين وأندلسيين

أصلا، وكان ابن مريم وفيا لعنوان كتابه (١)، فقد حشاه بأخبار العلماء العاملين أصحاب التدريس والمؤلفات والوظائف، وبأخبار الصلحاء والأولياء من دراويش وخرافيين. ولم تكن هذه التراجم مقصورة على قرن بعينه، فنحن نجد ابن مريم يترجم لمن كان في القرن السادس ومن كان في القرن الحادي عشر. وكان المؤلف نفسه يعتقد في ولاية الأولياء وكراماتهم، لذلك حشا كتابه بأخبار هذه الكرامات والخوارق. ونلاحظ أنه كلما اقترب من عصره اختصر الترجمة وزادت أخبار الدراويش. وأسلوبه بسيط سهل، وهو يستعمل أحيانا عبارات عامية مثل حملوا منه (شوامي) وهو يعني أحمالا، ومثل (رد الناس إليه بالهم) وهو يعني انتبهوا إليه أو حذروا منه. ثم أن التراجم غير متوازنة فبعضها لا يزيد عن السطر والسطرين وبعضها وصل إلى العشرين صفحة، وحين لم يجد ابن مريم شخصا تلمسانيا اسمه خليل ترجم للشيخ خليل بن إسحاق المصري. وحين لم يجد شخصا اسمه يوسف ترجم لرجلين اسمهما يوسف من غير تلمسان (تبركا بهما)، ويكشف ما ذكرناه إذن على أن خطة ابن مريم ليست منسجمة، فقد كان مدفوعا بالروح الدينية أكثر من الروح العلمية.

ومع ذلك يظل (البستان) وثيقة تاريخية هامة، فقد اعتمد فيه ابن مريم


(١) جاء في مخطوط (مطلب الفوز والفلاح) للبطيوي، تلميذ ابن مريم، أن عنوان كتاب البستان. هو (البستان في مناقب أولياء تلمسان)، وهو عنوان يناسب في الواقع روح مؤلفه. ج ٢ المكتبة الملكية - الرباط ١٦٦٧. انظر عن ابن مريم أيضا الفصل السادس من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>