للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابها بغرض طلب العلم والزيارة والاطلاع على البلدان عموما والأخذ عن علمائها وممارسة التجارة فيها أحيانا، ومن أقدم من فعل ذلك عاشور بن موسى القسنطيني المعروف بالفكيرين (بضم الفاء وفتح الكاف - وهو لقب والده)، فقد نشأ في قسنطينة وأخذ العلم عن والده وغيره، ولاحظ عنه عبد الكريم الفكون أنه كان ذكيا، وتوفي والده سنة ١٠٥٤، فشد الرحال لطلب العلم في عدة بلدان وطالت غيبته عن بلاده نحو العشرين سنة، وهي مدة طويلة بالطبع، سمحت له بالاطلاع والملاحظة وحذق لهجات ومعرفة قبائل وشعوب وبلدان، ومن هذه البلدان التي قصدها تلمسان التي لقي فيها سنة ١٠٥٥ محمد بن سليمان مؤلف (كعبة الطائفين)، وكذلك زار المغرب الأقصى، ثم (جال في ملك الله إلى أن توغل في أرض السودان ولقى بها أجلة من علماء)، وعندما رجع إلى بلاده (أخبر بغرائب ما شاهد وعجائب ما رأى وما أخذ عن أولئك العلماء وأرباب الأسرار، وحصل منهم فن القراءات وجانبا عظيما من (فن) الأدب)، وبعد أن مكث بقسنطينة فترة لا نعرفها بالضبط ارتحل عنها من جديد (لظلمة أصابته منها) فذهب إلى تونس واستقر بها مدة وانتصب للتدريس بالزيتونة، وقد كان يحكي لتلاميذه غرائب ما رأى (من غريب البلاد وأهلها ويذكر عجائب المسموعات من زي أهلها لباسا وحكما وفوتا ويصف أنواع القوت)، وكان عاشور بن موسى (يكثر الحكايات واستحضار قطع الشعر). ومن تونس توجه بأهله إلى الحجاز لأداء فريضة الحج فأدركه الموت بعد سنة ١٠٧٤ (١).

هذه هي المعلومات التي استقيناها من هنا وهناك عن عاشور


(١) أخذنا هذه المعلومات من محمد بن محمد الوزير السراج (الحلل السندسية) ٢/ قسم ٢، ١٩٧٣، ٢٤٨ - و ٢٤. انظر كذلك (بشائر أهل الإيمان) لحسين خوجة، مخطوط الجزائر، فقد وصف عاشور بأنه (علم الأعلام) وقال عنه إن أمراء البلدان التي زارها كرموه، وأنه قد لقي شخصا يملك ثمانية عشر شرحا على (مقامات الحريري) الخ. انظر عنه أيضا كتاب (كعبة الطائفين) لابن سليمان ٣/ ٩٩، ٩٤، ١١١، وكذلك العياشي ٢/ ٣٨٢. و (شجرة النور) لمحمد مخلوف، ٣١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>