للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن صالح باي أنه اشترى طبيبا إيطاليا يدعى باسكال قاميزو بألف محبوب عندما وقع هذا الطبيب في أسر الرئيس محمد الإسلامي (١). كما أن الباي حسين بوكمية، باي قسنطينة، كان له طبيب هولاندي يدعى سانسون، وكان سانسون هذا على صلة بالطبيب الانكليزي الرحالة توماس شو وهو الذي قدم له معلومات جغرافية وغيرها عن قسنطينة عندما زار شو هذه المدينة (٢)، ويظهر أنه بينما كان الباشوات والبايات يجلبون الأطباء لأنفسهم ويؤمنون بقيمة الطب (الأوروبي)، كانوا لا يهتمون بصحة السكان عموما، تاركين العامة للطب التقليدي الذي تحدثنا عنه.

ومن أخبار الباي محمد الكبير أنه كان يعتني بالطب ويشجع العلماء على التأليف فيه واختصار المطولات منه. فكاتبه أحمد بن سحنون يقول عنه إنه كانت للباي في الطب اليد الطولى، وإنه كان يصف للناس الدواء ويدفع لهم ما حضر منه، حتى أن المساكين كانوا يفزعون إليه كما يفزعون إلى طبيب ماهر. ويدل هذا على عناية الباي بالطب عموما واهتمامه بصحة الناس. كما يدل على أن الناس كانوا يعتقدون في الدواء إذا توفر لهم. وبفضل عناية هذا الباي بالطب قام بعض العلماء بالتأليف فيه واختصار المطولات الطبية منه. فهو الذي أوحى إلى أحد الشيوخ، ويدعى عبد اللطيف (؟)، بوضع كتاب سماه (المنهل الروي والمنهج السوي في الطب النبوي). كما أمر كاتبه ابن سحنون بجمع طب القاموس، فجمعه له وزاد عليه من كلام الأطباء حتى صار تأليفا هاما. وكان الباي يجيز من يفعل ذلك بالمال الجزيل (٣). ويظهر من هذا الخبر أن الباي كان يؤمن بالطب عموما والطب النبوي خصوصا، وأنه كان يقتدي بالنبي (صلى الله عليه وسلم) في طبه، وأنه كان (يصف الدواء لأصحابه ويتداوى في نفسه من عوارض الأمراض) كما يقول ابن سحنون. وقد قيل عن الباي محمد الكبير بأنه كان يفخر بوصف


(١) دايفوكس (التشريفات) ٩٠.
(٢) فايساث (روكاي) ١٨٦٨، ٣٦٧.
(٣) (الثغر الجماني) مخطوط باريس، ورقة ١٥ - ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>