للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الأدبي! " والحال نفسه مع طلاب القسم الأدبي إذا سُئلوا عن درجة غليان الماء مثلًا! أما علماء الإسلام فلم يكونوا بهذا التخاذل، فلقد برع العالم الواحد في الفقه والحديث والفلك والشعر والجبر واللغة والفلسفة والكيمياء في آن واحد.

(التميز الأدائي):

كان الشعار الموحد لعلماء المسلمين هو: إذا غامرت في شرفٍ مروم. . . . فلا تقنع بما دون النجوم فالعلماء المسلمون تميزوا عن باقي علماء البشر بأنهم على الرغم من انفتاحهم على علوم من قبلهم دون تعصب، فإنهم لم يقلدوا، بل ابتكروا، فابتكر المسلمون علومًا جديدًا لم تكن معروفة قبلهم (كما سنرى)!

وثابت بن قرة جمع في عبقريته الفذة هذه الصفات الثلاث، فكانت بدايته كبداية كل عالم مسلم بالمساجد والكتاتيب، فتعلم اللغة العربية (أساس البداية الصحيحة!) والشعر والفقه والحديث وعلوم القرآن الكريم. وعندما أتم ثابت الخامسة عشرة من عمره، التحق بحلقات العلم في المسجد الجامع بحرّان، ليتلقى تعليمه العالي وليتعلم بجانب العربية اللغتين السريانية واليونانية، ثم تلقى ثابت بحلقات هذا المسجد دروس الفلسفة والرياضيات والفلك والمنطق والطب بهذه اللغات الثلاث، ودرس الكتب المعتمدة في العلوم البحتة، وهي كتب: أرسطو وأفلاطون وإقليدس وجالينوس ثم برز ثابت بين أقرانه في المسجد الجامع الكبير، وتميز بعقليته الموسوعية في الفلسفة والرياضيات خاصة، فأجيز ثابت في العلم والتدريس، فصار له الحق في كشف أسرار العلم، وتفسير كتب أرسطو وأفلاطون وإقليدس وغيرهم، ليتصدر ثابت بن قرة التدريس بالمسجد الجامع الكبير وهو في العشرين من عمره فقط عام ٢٣٠ هـ، فذاعت شهرته في الآفاق، وأخذ يدرس طلاب العلم بالمسجد الجامع كتاب "المخروطات" لأبولونيوس الصوري، وكتاب "الإيقاع الهرموني" لأرستكسينوس التارنتي. وبرع ثابت في علم الهندسة حتى قيل عنه أنه أعظم هندسي مسلم على الإطلاق، وقال عنه المؤرخ العالمي المشهور "يورانت ول": "ثابت بن قرة أعظم علماء الهندسة المسلمين، فقد ساهم بنصيب وافر في تقدم الهندسة، وهو الذي مهد لإيجاد علم التكامل والتفاضل، كما استطاع أن يحل المعادلات الجبرية بالطرق الهندسية، وتمكن من تطوير وتجديد

<<  <   >  >>