للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعبد المجيد الطرابلسي المغربي، واشتهر بقوة الحافظة، وكان من نوادر القاهرة (١) يحفظ الورقة بتمامها من مختصر ابن الحاجب مرتين أو ثلاثة بدون درس على عادة الأذكياء، بل بلغني أنه حفظ سورة النساء في لوحتين (٢)، والعمدة في ستة أيام، والألفية في أسبوع، وأن السراج الأسواني أنشد قصيدة مطولة من إنشائه وكررها مرة أو مرتين فأحب صاحب الترجمة إخجاله فقال له إنها قديمة فأنكر السراج ذلك وبادر صاحب الترجمة وسردها، وكانت نادرة، واتفق أن بعض شيوخه سأله في عيد: هل تحفظ خطبة؟ رجاء استنابته، فقال له: لا لكن إن كان عندك نسخة خطبة فأرنيها حتى أمر عليها، فأخرج له خطبة في كراسة بأحاديثها ومواعظها، على جاري خطب العيد، فتأملها دون ساعة ثم خطب بها.

وتقدم في استحضار الفقه وأصوله والعربية والمعاني في جميعها، مع الفصاحة وجودة الخط والنظر (٣) الوسط، ولم يشغل نفسه بتصنيف، نعم شرع في تعليق على كل من الموطأ والبخاري، وصار من جمع المالكية خصوصًا بعد موت البساطي، بل عين في حياته للقضاء بمصر فلم يتفق له، لكن استخلفه بمرسوم السلطان حين جاور مكة، وحج هو مرتين، وأول ما ناب عن ابن خلدون سنة أربع وثمانمائة، واستمر ينوب عمن بعده، ولي تدريس الشيخونية والفاضلية والقمحية وغيرها، وممن أخذ عنه الفقه محمد بن عامر (٤)، وكان يكتب في فتاويه وغيرها، ويقول في نسبه: أحمد بن أخت بهرام. ووصفه ابن حجر بأنه من فضلاء العصر، ومن فوائده كما أخبر به ولده عبد القادر أنه سئل عن جواز الاستنجاء بالتوراة والإنجيل اللذين بيد الكفّار، فقال: التوراة


= سنة ٧٨٥ هـ ثم يستبعد أن يكون قد ناب عن ابن خلدون في القضاء سنة ٨٠٤ لأنه وقتئذ لم يتجاوز ١٩ عامًا فلا يمكن أن يتسنم منصب قاضي قضاة المالكية في مثل هذا العمر. واللَّه أعلم.
(١) في الضوء اللامع: وكان من نوادر الدهر.
(٢) في الضوء: في يومين.
(٣) كذا وهو تصحيف والصواب: النظم كما في الضوء اللامع.
(٤) هو الشمس بن عامر كما في الضوء.

<<  <   >  >>