للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعربية والبيان والحساب والفرائض والهندسة صيفًا، وفي الخميس والجمعة التصوف وتصحيح تآليفه، وأوقاته معمورة وأفعاله مرضية وسجاياه محمودة لولا عجائب صنعه تعالى ما ثبتت تلك الفضائل في لحم ولا عصب ولا أعلم منه أنَّه كان يأمر بفعل وخالفه اقتداء بالسلف الصالح، أنشدنا لبعضهم:

رأيتُ الانقباضَ أجلَّ شيءٍ ... وأدْعَى في الأمورِ إلى السَّلامَهْ

فهذا الخلقُ سالمهُمْ ودعهُمْ ... فَخُلْطَتُهمْ تقودُ إلى النَّدامهْ

وَلا تُعْنىَ بشيءٍ غيرَ شيءٍ ... يقودُ إلى خَلاصِكَ في القِيَامهْ

وأنشد لبعضهم وكان يستحسنه:

أَنسْتُ لوحْدَتي ولزمتُ بيتي ... فدامَ الأنْسُ لي ونما السُّرورُ

وأدبني زماني (١) فما أبالي ... هُجرْتُ فلا أزارُ ولا أزُورُ

ولستُ بسائل ما دمتُ حَيًّا ... أسَارَ الجندُ أم رَكبَ الأميرُ

وأنشدني يوم الجمعة:

تَمَتَّعْ من شَميمِ عَرارِ نَجْدٍ ... فَما بَعْدَ العَشِية من عَرَارِ

فلم يشهد بعدها جمعة أخرى، وآخر ما قرئ عليه كتاب لطائف المنن، ويشير إلينا بأحوال تدل على موته، وكان يتأهب لذلك وتوفي يوم الخميس وقت العصر رابع عشر ربيع الأول عام خمسة وأربعين وثمانمائة في الوباء، وصلَّى عليه يوم الجمعة وشهد جنازته العام والخاص وأسف الناس لفقده وعمره ثلاث وستين سنة -اهـ- ملخصًا. ومولده على هذا في حدود سنة اثنين وثمانين وسبعمائة، واللَّه أعلم.

١٠٧ - أحمد المنستيري التونسي (٢).

قال القلصادي في رحلته: هو الشيخ الفقيه الإمام النحوي اللغوي المقريء، أدرك ابن عرفة، وكان لا يعتني بأهل الدنيا ولا يعظمهم، وبه انتفع طلبة تونس ومن يرد عليها في النحو في زمنه، قرأت عليه المقرب والتسهيل


(١) في الكفاية (د): ص ٣٥ (الزمان) وفي هـ (زماني).
(٢) انظر شجرة النور الزكية ٢٤٦.

<<  <   >  >>