للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجيزون قضاء الحكام بعلمهم والحق خلافه لحديث "فإنما أقضي له على نحو ما أسمع".

وقريب من هذا ما يحكى أن واليًا كان بالاسكندرية يسمى فراجة وكان بها إذ ذاك الفقيه أبو القاسم بن جارة وكان عالمًا رفيع القدر والهيبة معرضًا عن أبناء الدنيا لا يخاف في اللَّه لومة لائم، فاتفق أن عامل بها رجلًا بياعًا ورفع له درهمًا جعله الرجل في قبضته، ثم لم تتم بينهما المعاملة، فقال له الرجل: اصرف علي درهمي فقال له البياع: لا أعرف الدرهم ولكن هذا مكانه، فحلف الرجل بطلاق زوجته لا يأخذ إلا درهمه بعينه وكثرت بينهما المراجعة إلى أن تداعيا إلى هذا الولي فراجة فوصفا له قصتهما فأطرق ساعة ثم قال للبائع: ادفع للرجل جميع ما في قبضتك من الدراهم ويدفع لك مكانها دراهم من عنده ليتحلل ذلك من يمينه وكانت فتوى مرضية صحبها ذكاء فنهي المجلس بحاله إلى الفقيه أبي القاسم ابن جارة فاستحسن فتواه وصوبها، ثم خاف أن يحمله العجب على أن يفتي في غيرها من المسائل بغير علم ولا موافقة شرعية، فتوجه إلى الولي حتى وصل إلى باب داره فقال له: أنت المفتي بين الرجلين في كذا فقال نعم، فقال له: من أباح لك التسور على فتاوى العلماء والدخول في أحكام الشرع إياك أن تتعرض لما لست له أهلًا، فقال له يا فقيه أنا تائب فقال: أما إذا تبت فانصرف واحتفل بالجد فيما كلفت به ولا تتعرض فيما ليس من شأنك. توفي ببجاية ودفن بباب أنيسون.

١٦١ - حسن بن محمد بن باضة أبو علي الغرناطي رئيس المؤقتين بها (١)

كان فقيهًا إمامًا في الحساب والهيئة، أخذ عنه الجملة والنبهاء قائمًا على ذلك الفن مع التزام السنة والوقوف عند حدود العلماء، نسيج وحده ورحلة فنه، توفى بغرناطة عام ستة عشر وسبعمائة. صح من الإحاطة.


(١) هو حسن بن محمد بن باضة (أبو علي) ويعرف بالصعلعل رئيس المؤقتين بالمسجد الأعظم في غرناطة، فقيه، إمام في علم الحساب والهيئة، ماهر في التعديل مع التزام السنة. الإحاطة في أخبار غرناطة ١: ٤٦٨.

<<  <   >  >>