للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

طريقك الأسد فلا يرعبك فإن غلب عليك خوفه فقل له: بحرمة آل النور إلا انصرفت عني، فكان الأمر كما قال.

وتوجه للمشرق وأنوار الولاية عليه ظاهرة فأخذ عن أعلام علمائها، واستفاد من زهادها وأوليائها وتعرف في عرفة بالشيخ عبد القادر الجيلاني فقرأ عليه بها الحرم كثيرًا من الحديث وألبسه الخرقة وأودعه كثيرًا من أسراره وحلاه بملابس أنواره فكان أبو مدين يفتخر بصحبته ويعده أفضل مشايخه الأكابر. وعن بعض الأولياء قال: رأيت في النوم قائلًا يقول: قل لأبي مدين بث العلم ولا تبال ترتع غدًا مع العوالي فإنك في مقام آدم أبي الذراري قال فقصصتها عليه فقال لي: عزمت على الخروج للجبال والفيافي وأبعد عن العمران، ورؤياك هذه تأمرني بالجلوس وترك العزم، فقولك: ترتع غدًا مع العوالي إشارة لحديث حلق الذكر مراتع أهل الجنة والعوالي أصحاب عليين، ومعنى قوله أبي الذراري أنه أعطى قوة النكاح وأمر به، ولم يجعل له قوة على كونهم مطيعين ونحن أعطينا العلم وأمرنا ببثه وتعليمه، ولا قدرة لنا على كون أتباعنا موفقين.

وكان يقول: كرامات الأولياء نتائج معجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم- وطريقتنا هذه أخذناها عن أبي يعزى بسنده إلى الجنيد بسنده للحسن البصري عن علي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن العارف عبد الرحيم المغربي قال سمعت أبا مدين يقول: أوقعني ربي -عَزَّ وَجَلَّ- بين يديه وقال لي: يا شعيب ماذا عن يمينك فقلت يا رب عطاؤك قال وماذا عن شمالك فقلت يا رب قضاؤك، قال: يا شعيب قد ضاعفت لك هذا وغفرت لك هذا طوبى لمن رآك أو رأى من رآك. وعن أبي العباس المرسي قال: جلت في الملكوت فرأيت سيدي أبا مدين متعلقًا بساق العرش وهو يومئذ رجل أشقر أزرق فقلت له: وما علومك وما مقامك؟ فقال علومي أحد وسبعون علمًا ومقامي رابع الخلفاء ورأس السبعة الأبدال. وسئل عما خصه اللَّه به فقال: مقامي العبودية وعلومي الألوهية، وصفاتي مستمدة من الصفات الربانية، ملأت عظمته سري وجهري وأضاء بنوره بري وبحري فالمقرب من كان به عليمًا، ولا يسمو إلا من أوتي قلبًا سليمًا يسلم من سواه،

<<  <   >  >>