للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمْرًا} ما هو الذي سولته أنفسهم لهم مع أنهم لم يكن لهم في القضية تصنع ولا تسبب من أخذ أخيهم منهم؟ بل جهدوا على أن يأخذوا بدله فلم يجابوا إلى ذلك، قال، وكان في المجلس جمع من الفضلاء فكثروا الخبط وما تحصل من جوابهم شيء، قال: فنمت تلك الليلة فرأيت قائلًا يقول: هل تعرف جواب السؤال الذي سئلته؟ فقلت: لا فقال إن يعقوب، عليه السلام، أشار إلى أنهم ما نصحوا في قولهم: جزاؤه من وجد في رحله، لأن شرعهم إنما كان من يسرق يسترق في جناية السرقة ولا بد من تحقيق السرقة، ووجد أن المفقود في رحل الشخص لا يثبت سرقته، فلو قالوا جزاؤه إن سرق أن يؤخذ مثلًا لنصحوا.

فال الحافظ ابن حجر: فقلت له: بل الذي يظهر أن يعقوب، عليه السلام، لما عادوا إليه بدون أخيهم تذكر صنيعهِم في يوسف فأشار إلى ما صنعوا بيوسف بقوله: {سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} فإن قصتهم مع يوسف كانت مبدأ زنة وهو الذي تفرع منه جميع ما اتفق له، ويؤيده قوله عقب كلامه "وقال يا أسفي على يوسف" وقوله قبل ذلك {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} وقوله: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} وقوله: {اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} فإن ذلك كله يدل أنه لم يكن لييأس من حياة يوسف، وأشار إلى أنه ظن أنه في الجهة التي فيها أخوه، واللَّه سبحانه أعلم.

وظهر في جواب آخر وهو أن متعلق التسويل في هذه القصة غير متعلق التسويل في قصة يوسف، فالذي في قصة يوسف أنهم زينت لهم أنفسهم أن يبعدوه عن أبيه فصنعوا وأظهروا أن الذئب أكله، والذي في قصة أخيه يحتمل أن يكون المراد به الإشارة إلى علمهم بالقرينة وهي وجدان الصاع في رحله فكأنه قال لهم جوابًا لقولهم: إن ابنك سرق لا لم يسرق بل زينت لكم أنفسكم أنه سرق بكون الصاع في رحله ولم يكن في باطن الأمر كذلك، ولم يرد أن أنفسهم زينت لهم إعدامه، كما قي قصة يوسف واللَّه تعالى أعلم- اهـ.

<<  <   >  >>