للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَمَتَى يَظْفَرُوْنَ بالمَقَاصِدِ؟ فلِهَذَا يَجِبُ عَلَى المُعَلِّمِينَ لِهَذِه العُلُوْمِ الآلِيَّةِ أنْ لا يَسْتَبْحِرُوا في شَأنِهَا، ولا يَسْتكثِرُوا مِنْ مَسَائِلِها، ويُنبِّهُ المُتَعَلِّمَ عَلَى الغَرَضِ مِنْها" انْتَهَى بتَصَرُّفٍ واخْتِصَارِ.

* * *

رَابعًا: أنَّ العُلاقَةَ بَينَ عُلُوْمِ الغَايَةِ والآلَةِ عُلاقَةٌ طَرْدِيَّة، لا سِيَّما مِنْ جِهَةِ الوَسَائِلِ، فعِنْدَئِذٍ كُلَّمَا ازْدَادَ طَالِبُ العِلْمِ مِنْ عُلُوْمِ الآلَةِ، كَانَ عَلَيه أنْ يَزْدَادَ مِنْ عُلُوْمِ الغَايَةِ ضَرُوْرَةً، وإلَّا كَانَ هَذَا تَنَاقُضًا بَيِّنًا، وخَلَلًا وَاضِحًا في الطَّلَبِ والقَصْدِ.

ومِنْه نَعْرِفُ حِينَئِذٍ: الحِنْثَ العَظِيمَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ يَتَنَاقَلْهُ أهْلُ التَّخَصُّصِ العِلْمِيِّ هَذِه الأيَّامِ، يَوْمَ نَرَاهُم لا يَتَقَيَّدُوْنَ بِهَذِه القَاعِدَةِ الطَّرْدِيَّةِ بَينَ عُلُوْمِ الغَايَةِ والآلَةِ، فتجِدُ أحَدَهُم قَدْ طَالَ بِهِ العُمُرُ في تَحْصِيلِ: أُصُوْلِ الفِقْهِ (مَثَلًا) وهُوَ لا يُحْسِنُ مِنَ الفِقْهِ إلَّا مَا يُحْسِنُه طُلابُ العِلْمِ المُبْتَدِئِينَ، أو مُقَلِّدُو المَذْهَبِ.

وهَذَا الصَّنِيع مِنْهُم مِمَّا يَزِيدُنا يَقِينًا بأنَّ التَّخَصُّصَ العِلْمِيَّ: زَغَلٌ في العِلْمِ، ودَسِيسَةٌ في الطَّلَبِ، واللهُ المُوَفِّقُ والهادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيلِ!

* * *

<<  <   >  >>