للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فَعِنْدَها عَلَيكَ يا هَذَا: بِمُرَافَقَةِ الأمْوَاتِ الَّذِينَ هُم في العَالَمِ أحْيَاءٌ؛ فإنَّهُم يَدُلُّوْكَ السَّبِيلَ، واحْذَرْ مِنْ مُرَافَقَةِ الأحْيَاءِ الَّذِينَ هُمْ في النَّاسِ أمْوَاتٌ؛ فإنَّهُم يُضِلُّوْكَ الطَّرِيقَ!

ولا تَنْسَ قَوْلَ ابنِ مَسْعُوْدٍ رَحِمَهُ اللهُ: "مَنْ كَانَ مُسَّتَنًّا؛ فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فإنَّ الحَيَّ لا تُؤْمَنُ عَلَيه الفِتْنَةُ"!

ومِنْ مُسْتَجَادِ مَا قِيلِ في فَضْلِ أهْلِ العِلْمِ، مَا خَطَّتْهُ يَدُ الآجُريِّ رَحِمَهُ اللهُ؛ في كِتَابِهِ "أخْلاقِ العُلَمَاءِ" (١٤)، إذْ يَقُوْلُ عَنْهُم: "فَضْلُهُم عَظِيمٌ، وخَطَرُهُم جَزِيلٌ، وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وقُرَّةُ عَينِ الأوْلِيَاءِ، الحِيتَانُ في البِحَارِ لَهُم تَسْتَغْفِرُ، والمَلائِكَةُ بأجْنِحَتِها لهم تَخْضَعُ، والعُلَمَاءُ في القِيَامَةِ بَعْدَ الأنْبِيَاءِ تَشْفَعُ، مَجَالِسُهُم تُفيدُ الحِكْمَةَ، وبأعْمَالهِم يَنْزَجِرُ أهْلُ الغَفْلَةِ.

هُمْ أفْضَلُ مِنَ العُبَّادِ، وأعْلَى دَرَجَةً مِنَ الزُّهَّادِ، حَيَاتُهُم غَنِيمَةٌ، ومَوْتُهُم مُصِيبَةٌ، يُذَكِّرُوْنَ الغَافِلَ، ويُعَلِّمُوْنَ الجَاهِلَ، لا يُتَوَقَّعُ لَهُم بائِقَةٌ، ولا يُخَافُ مِنْهُم غَائِلَةٌ، بِحُسْنِ تَأدِيبِهِم يَتَنَازَعُ المُطِيعُوْنَ، وبِجَمِيلِ مَوْعِظَتِهِم يَرْجِعُ المُقَصِّرُوْنَ ... !

فَهُم سِرَاجُ العِبَادِ، ومَنَارُ البِلادِ، وقِوَامُ الأمَّةِ، ويَنَابِيعُ الحِكْمَةِ، هُمْ

<<  <   >  >>