للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن المراد بهؤلاء أيضًا جماعة ممن كانوا أسلموا ولم يدخل الإيمان في قلوبهم، وقد وعدهم الله عز وجل في كتابه بأنه سيدخل الإيمان في قلوبهم، كما تقتضيه كلمة {لمّا}، فيتمسك - صلى الله عليه وآله وسلم - بظاهر ذلك، فيقول: «أصيحابي»، فيُخبَر بأنهم أحدثوا بعده أشياء مَنعت دخول الإيمان في قلوبهم. بل، وقد يقال: إن من مات بعد أن أسلم وقبل أن يدخل الإيمان في قلبه = ممّن تناله الرحمة ما لم يُحدِث.

ومع هذا كله، فليس في الحديث أن أولئك المردودين يخلَّدون في النار.

وممّا يرد الاستدلال بالحديث قوله: «أصيحابي» ــ بالتصغير ــ، ممّا يدل أنهم ليسوا من أصحابه المرادين بالآية الكريمة.

فإن قيل: فما النكتة في العدول عن أن يقال: (وعدهم الله)، إلى ما في النظم الكريم؟

قلت: قد علم الله عز وجل أنه سيكون في هذه الأمة من يطعن في أصحاب رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -، فربّما يقول قائل: إن قوله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ ... } إلخ يدلُّ على الثبات والدوام ــ كما تقدم ــ، ويزعم أن منهم من لم يثبت، فيستدل بذلك على أنه لم يدخل في قوله: {وَالَّذِينَ مَعَهُ}؛ لأن الله وصف الداخلين في ذلك بالثبات، وهذا لم يثبت.

= فدحض الله عز وجل هذه الشبهة وأرغم أنف صاحبها بقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، فلم يشترط في الوعد دوامًا ولا ثباتًا، بل