للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في التشهُّد الأول، فالصواب ــ إن شاء الله تعالى ــ أنها غير مشروعة أصلًا لما جاء في حديث ابن مسعود، و [ ... ] (١).

وهم إنما يثبتونها بالقياس، ولا قياس مع النصِّ، على أن القياس في العبادات ضعيف جدًّا.

ثم إن الحديث الذي يستدلون به على الأمر بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في التشهُّد الأخير= يدلُّ أنها إنما شُرعت لتكون مقدِّمة للدعاء، ولا دعاء في التشهُّد الأول. وأيضًا فذلك الحديث يدل على عدم ركنيَّتها في التشهُّد الثاني؛ فإن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يأمر المصلِّي الذي لم يأت بها بالإعادة.

فإن قلتم: كان جاهلًا. قلنا: الجاهل لا يُعذر في ترك ركن من الأركان.

فإن قلتم: لعلَّه كان في نفل. قلنا: كان الظاهر أن يبيِّن له النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ركنيَّتها حتَّى لا يتركها مرَّة أخرى في الفرض أو في نفل فيأتيَ بصلاة غير صحيحة، وهي حرام، ولو نفلًا. على أن ذلك الرجل يحتمل أنه ترك أصل التشهُّد؛ فإن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إذا قعدت فاحمد الله بما هو أهله، وصلِّ عليَّ ثم ادعه»، فأول التشهد: «التحيَّات لله والصلوات والطيبات»، وهذا حَمدُ الله (٢).

ثم: «السلام عليك أيُّها النبي ورحمة الله وبركاته»، وهذه صلاة عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ لأن الرحمة هي الصلاة كما ترجمها هو - صلى الله عليه وآله وسلم - بذلك فقال: «اللهم صلِّ


(١) بياض في الأصل بمقدار أكثر من سطرين.
(٢) كذا في الأصل، ولعل الصواب: «حمدٌ لله».