للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون ذوقيًّا لا تؤدِّيه العبارة، وإنما يحصل بكثرة الممارسة والمزاولة، وابن تيمية معروف بذلك، ولا بِدْعَ أن تقوم لديه علل (١).

* * * *

[حول شدّة التعصّب المذهبي لدى الحنفية]

حكى الحنفية عن داود الظاهري أنه كان يناظرهم ببغداد في بيع أمِّ الولد، فيقول: أجمعْنا على أنها قبل الحمل يجوز بيعها، فنحن على ذلك حتى يثبت ما يمنعه.

حتى جاء بعض أكابرهم (٢) فقال له: لمَّا كانت حاملًا كنَّا مجمعين على منع بيعها، فنحن على ذلك حتى يثبت ما يجيزه.

هذا معنى ما نقلوه وتبجَّحوا به، وأساءوا الكلام في داود رحمه الله.

ولا يخفى ما في جواب صاحبهم من الضعف، فإن لداود أن يقول: إنما وافقناكم على منع بيعها حين حملها لمعنًى عارض قد زال قطعًا بالاتفاق، فلا يلزمنا استصحابُ حكمٍ مبنيٍّ على سبب قد زال قطعًا، بخلاف الاستصحاب الذي احتجَّ به داود؛ فإنه مبنيٌّ على سبب لم يثبت زواله أعني الرقِّيَّة. بل أنتم معترفون ببقاء السبب في الجملة.


(١) مجموع [٤٦٥٧].
(٢) هو أحمد بن الحسين أبو سعيد البردعي (ت ٣١٧). ترجمته ومناظرته مع داود في "الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية": (١/ ١٦٣ - ١٦٦). وانظر "فتح القدير" لابن الهمام (٥/ ٣٣).