للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الفنون، واعتنى بعضهم برسمها والتمثيل لها كما فعل أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في كتاب "معرفة علوم الحديث".

فلمّا جاءت النوبة إلى الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (١) وجَّه عنايته إلى التأليف في تلك الفنون، فصنّف في كلّ فنّ كتابًا، صارت عمدةً لأهل الحديث بعده، كما قال ابن السمعاني عند ذكر (الخطيب) في "الأنساب". وقال ابن الجوزي في "المنتظم" بعد أن ذكر جُملة من مؤلفات الخطيب: "مَن نظر فيها عرف قدر الرجل وما هيئ له ممّا لم يتهيأ لمن كان أحفظ منه كالدارقطني وغيره"، وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة "شرح النخبة" بعد أن ذكر مؤلَّفَي الخطيب "الكفاية" و"الجامع": "وقلَّ فن من فنون الحديث إلاّ وقد صنّف فيه كتابًا مفردًا، فكان كما قال الحافظ ابن نُقْطة: كل مَن أنصف عَلِم أنّ المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه". وقال الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلَفي:

تصانيف ابن ثابت الخطيب ... ألذّ من الصبا الغض الرطيب

يراها إذ رواها من حواها ... رياضًا للفتى اليَقِظ اللبيب

ويأخذ حُسْن ما قد صاغ فيها ... بقلب الحافظ الفطن الأريب

فأيةُ راحةٍ ونعيم عيش ... يوازي عيشها أم أي طيب

ألَّف الخطيب في فنِّ (المتفق والمفترق) كتابًا، ولم يذكروا أحدًا سبقه إلى التأليف فيه، وألَّف في مَن يُذكر بأوصاف متعددة كتابه (المُوَضِّح)، وقد سُبِق في الجملة؛ ذكروا أنّ أبا زرعة أخذ على "تاريخ البخاري" عدة قضايا


(١) ترجمة الخطيب معروفة وقد لخصتها في آخر كتابه الجليل (الكفاية) المطبوع بدائرة المعارف العثمانية، فلم أر هنا الإطالة بذكرها. [المؤلف].