للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنكروا إلَّا أنهم لما لم يكن لهم عذرٌ في إنكارها نُزِّلُوا منزلة مَن أقرَّ بها، فتوجَّه إليهم الإلزام» (١).

أقول: ولِمَ لا يُقال: إن قوله تعالى: {ثُمَّ يُعِيدُهُ} ليس المراد به الإعادة بعد الموت بل أمرٌ آخر، كما قيل في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [العنكبوت: ١٩] , قال البيضاويُّ: «إخبارٌ بالإعادة بعد الموت، معطوفٌ على {أَوَلَمْ يَرَوْا}، لا على {يُبْدِئُ}؛ فإن الرؤية غير واقعةٍ، ويجوز أن يُؤَوَّل بالإعادة [٤٦٧] بأن ينشئ في كلِّ سنةٍ مثل ما كان في السنة السابقة من النبات والثمار ونحوهما، ويعطف على {يُبْدِئُ}» (٢).

وعلى هذا فلا إشكال؛ لأن المشركين يقرُّون بأن الله تعالى يعيد الخلق بهذا المعنى، والله أعلم.

وقال أبو السعود في قوله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}: « ... أي: هاتوا برهانًا عقليًّا أو نقليًّا يدلُّ على أن معه تعالى إلهًا، لا على أن غيره تعالى يقدر على شيءٍ مما ذُكِر من أفعاله تعالى كما قيل، فإنهم لا يدَّعونه صريحًا ولا يلتزمون كونه من لوازم الألوهيَّة، وإن كان منها في الحقيقة، فمطالبتهم بالبرهان عليه، لا على صريح دعواهم، مما لا وجه له» (٣).

والحاصل: أن الاستفهام في قوله تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ} وما بعدها


(١) حواشي الشيخ زاده ٢/ ٤٩٤. [المؤلف]
(٢) هامش حواشي الشيخ زاده ٣/ ٨. [المؤلف]
(٣) تفسير أبي السعود ٢/ ٢٩١. [المؤلف]