للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلها، وبَيَّنتُ أن المراد بذلك كله الإذن الخاص، وأوضحت وجه ذلك، وذكرت كثيرًا من الأمور التي تدخل في هذا المعنى، ولكني قد فتحت لك الباب، فإن أحببت الاستيفاء فعليك بالتدبُّر مع إخلاص النية والاستعانة بالله تبارك وتعالى.

[٥٦٣] وليس من السؤال ما كان المقصود به التعجيز, كقول إبراهيم عليه السلام: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ} [البقرة: ٢٥٨] , ولا ما يشبهه مما ليس بسؤالِ خضوع وتذلُّل.

وأما السؤال من الجمادات كالأصنام والكواكب فدعاء. وليس منه قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اسكن أحد» (١) ونحو ذلك مما هو من قبيل الأمر التكويني، ليس فيه تذلُّل ولا خضوع لذلك الجماد، وعند القائل سلطان من الله عزَّ وجلَّ بذلك. ومثله ما رُوي في قصَّة قارون أن الله عزَّ وجلَّ أوحى إلى موسى عليه السلام: «مُرِ الأرض بما شئت»، فقال: «يا أرض خذيهم» (٢)، ولا ما لم يكن المقصود منه الطلب وإنما هو تَمَنٍّ أو نحوه كقول المغتمِّ بالليل: أصبحْ


(١) أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة, باب مناقب عثمان بن عفان ... , ٥/ ١٥, ح ٣٦٩٩، من حديث أنس رضي الله عنه.
(٢) أخرج هذه القصَّة ابن أبي شيبة في كتاب الفضائل، ما ذُكِر في موسى - صلى الله عليه وسلم - من الفضل، ١٦/ ٥٣٥ - ٥٣٦، ح ٣٢٥٠٤، والطبريُّ ١٨/ ٣٣٤ - ٣٣٥، وابن أبي حاتمٍ ٩/ ٣٠١٨، ح ١٧١٥٦, والحاكم في كتاب التفسير، تفسير سورة القصص، ٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩, وغيرهم، من طريق المنهال بن عمرٍو عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ، وفي بعض الطرق: عن سعيد بن جبير وعن عبد الله بن الحارث عن ابن عباسٍ. وهو إسنادٌ حسنٌ. وقال الحاكم: «صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ولم يتعقَّبه الذهبيُّ.