للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الله الفِرْيَةَ، والله تعالى يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (١) [النمل: ٦٥].

والعلم المنفيّ في الآية والأحاديث هو العلم الذاتيّ، فلا يُنافي أنّ الله تعالى قد يُظهر الرسلَ على شيءٍ من الخَمْس وغيرها، فهذا القرآن مَلْآنُ بالإخبار عما سيكون يوم القيامة، وهو داخلٌ فيما سيكون في غدٍ.

وأحاديثُ الشفاعة نصٌّ على أنه صلى الله عليه وآله وسلم أُعْلِم ببعض ما سيكون له يوم القيامة، وذلك داخل في قوله تعالى: {مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا}. والمراد بالعلم فيها العلم القطعيّ، فلا يُنافي هذا ظنّ نزول المطر وغيره، وظنّ صاحب الرؤيا والمحدَّث، وظنّ المنجّم والكاهن ومَن في معناهما.

نعم إن الله تعالى لا يظهر أحدًا كائنًا مَن كان على كل شيءٍ من غيبه، بل الثابت إظهار الرسل على بعض الجزئيات بحسب ما تقتضيه الحكمة.

[*٧] والحاصل أن الأدلة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مُظْهَرًا على جميع الغيب لا تُحصَى من الكتاب والسنة، وبذلك يتعيّن حمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فتجلّى لي كلُّ شيء وعرفتُ ... » على الأشياء التي يختصم فيها الملأ الأعلى، كما يدلّ عليه السياق (٢).


(١) البخاري (٣٢٣٤) من طريق القاسم عن عائشة وليس فيه هذا اللفظ، ومسلم (١٧٧)، والترمذي (٣٠٦٨)، والنسائي في «الكبرى» (١١٤٦٨)، وأحمد (٢٤٢٢٧) كلهم من طريق مسروق عن عائشة.
(٢) انظر ما سبق (ص ٣١٨).