للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذكر البخاري هذه القصة في باب ما يُكره من اتخاذ المساجد على القبور، قال في "الفتح" (١): "ومناسبة هذا الأثر لحديث الباب أن المقيم في الفُسطاط لا يخلو عن الصلاة هناك، فيلزم اتخاذ المسجد عند القبر، وقد يكون القبر في جهة القبلة، فتزداد الكراهة.

وقال ابن المُنيِّر: إنما ضَربت الخيمةَ هناك للاستمتاع بالميت بالقرب منه، تعليلًا للنفس، وتخييلًا ... ومكابرةً للحسّ .... فجاءتهم الموعظة على لسان الهاتِفَيْن بتقبيح ما صنعوا ... إلخ.

أقول: تعقبه بعضهم بأن الظاهر أنها إنما ضَربت الخيمةَ للاجتماع لقراءة القرآن.

وهذا مع كونه ممنوعًا أيضًا، مردودٌ بقول الهاتِفَيْن: هل وجدوا ما فقدوا، بل يئسوا فانقلبوا.

فالقصة فيها زراية على زوجة الحسن، وهي كما في "الفتح": فاطمة بنت الحسين بن علي رضي الله عنهم، بل وعلى أهل البيت الموجودين حينئذٍ كلهم.

فالذي عندي أن هذه القصة لا تصح، فإن أهل البيت أعلم بالله عزَّ وجلّ وأكمل عقولًا، وأثبت قلوبًا، من أن يقع لهم مثل هذه القصة، [ص ٥١] وفي الحديث: "لعن زوَّارات القبور" (٢) أي: المكثرات لزيارتها، وضَرْب الخيمة على القبر، والإقامة فيها سَنةً أبلغ من إكثار الزيارة، وأهل البيت أولى من


(١) (٣/ ٢٣٨).
(٢) سبق تخريجه (ص ٤٣).