للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "إرشاد الفحول" (١) للشوكاني (ص ٤٩): [ص ٧٣] قال ابن القُشَيري: والذي صحَّ عن الشافعي أنه قال: في الناس من يَمْحَض الطاعةَ، فلا يمزجها بمعصية، و [لأن] (٢) في المسلمين من يَمْحَض المعصية ولا يمزجها بالطاعة، فلا سبيل إلى ردّ الكل، ولا إلى قبول الكل، فإن كان الأغلب على الرجل من أمره الطاعة والمروءة، قُبِلت شهادته وروايته، وإن كان الأغلب المعصية وخلاف المروءة، ردَدْتهما" (٣) اهـ .

وفيه من جملة كلام عن الرازي: "والضابط فيه: أن كل ما لا يؤمن مِن (٤) جراءته على الكذب، ترد الرواية، وما لا، فلا" اهـ .

وفيه: قال الجويني: "الثقة هي المعتمد عليها في الخبر، فمتى حصلت الثقة بالخبر قُبِل" اهـ .

أقول: وهذا هو المعقول، وعليه الأئمة الفحول، فإن الحكمة في اشتراط العدالة في الراوي هي كونها [مانعة له] عن الكذب، فيقوى الظن بصدقه. فإذا جرت منه هفوة لا تخدش قوَّة الظن بصدقه، لم تخدش قبول روايته.

[ص ٧٤] والحاصل: أن تلك الكلمة التي جرت على لسان أبي الزبير بدون شعوره لشدة غضبه، لا ينبغي أن يُهْدَر به مئات الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع التحقُّق بكمال صدقه، وحفظه،


(١) (١/ ٢٦٤ ــ دار الفضيلة).
(٢) زيادة من ط المحققة.
(٣) الأصل: "رددتها" والمثبت من المحققة.
(٤) المحققة: "معه".