للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدم مَحْض، حتى قال المَعَرِّي (١):

قالوا: لنا خالقٌ قديمٌ ... قلنا: صدقتم كذا نقول (٢)

[زعمتموه بلا مكانٍ ... ولا زمانٍ ألا فقولوا

هذا كلامٌ له خَبيءٌ ... معناه: ليست لنا عقولُ]

فأجاب الأولون: بأن هذا وهمٌ اقتضاه اعتماد الإنسان على حِسّه وقياسه عليه، ولم يحس بموجود ليس في مكان، فلذلك يأبى أن يكون موجود إلا في مكان.

فقال الآخرون: ليس هذا بوهم، بل هو حقيقة بينة بنفسها، والقول بأنها وهم سَفْسَطة محضة (٣).

فقال الأولون: إن الإنسان إذا ألِفَ النظرَ في المعقولات وتمكَّن فيها اتضح له أن ذلك وهم.

قال الآخرون: يُردُّ على هذا بوجوه:

الأول: أننا نجد مَن خاض في المعقولات وهو موافقٌ لنا.

الثاني: أننا قد نظرنا في شيء من معقولكم، فوجدنا عامته شبهات ملفقة ومغالطات متعمقة، وقد اعترف بذلك جماعة من أكابركم، كما تقدم عن إمام الحرمين والرازي والغزالي (٤).


(١) في "اللزوميات": (٢/ ١٨٩). وصدر البيت الأول فيه: "قلتم: لنا خالق حكيم".
(٢) ترك المصنف بعد هذا البيت سطرين للبيتين الآتيين فأكملناهما من المصدر.
(٣) السفسطة: قياس مركب من الوهميات، الغرض منه تغليط الخصم وإسكاته. انظر "التعريفات": (ص ١١٨)، و"التوقيف على مهمات التعاريف": (ص ٤٠٧).
(٤) انظر (ص ٣٢ - ٣٦).