للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتَّحريم للحواريين أو لباطرة مع قوله: إنَّه لم يأت لتبديل التوراة لكن لإتمامها؟! وإنَّه من نَقَضَ من عهودها عهدًا صغيرًا دُعِيَ في ملكوت السموات صغيرًا، وإنَّ السماوات والأرض تبيدان قبل أن تبيد من التوراة باءٌ واحدةٌ أو حرفٌ واحدٌ!

ولئن كان صَدَق في هذا فإنَّ في نصِّ التوراة أنَّ الله تعالى قد لعن من صُلِبَ في خشبةٍ (١)! وهم يقولون: إنِّه صُلِب في خشبةٍ! ولا شك في أنَّ باطرة وشمعون أخوا يوسف، وأندرياش أخو (٢) باطرة، وفليش، وبولس= صُلِبوا في الخشب فَعَلى قول المسيح لا يبيد شيءٌ من التوراة حتى يتمَّ جميعها= فكُلُّ هؤلاء ملعونون بلعنة الله تعالى! فاعْجَبُوا لضلال هذه الفرقة المخذولة، فما سُمِع بأطمَّ من هذه الفضائح أبدًا" (٣).

أقول: يتعيَّن علينا أن ننقل هنا فصلًا مشبعًا ذكره الإمام المذكور أواخر الجزء الأول، وهو شاف كاف في جواب هذا المخذول.

قال الإمام أبو محمد رضي الله عنه: "فإن قيل: فإنَّكم تقرُّون بالتوراة والإنجيل (٤)، وتستشهدون على اليهود والنَّصارى بما فيها من ذكر صفات


(١) في "سفر التثنية" (ص ٣٩٠) من "الكتاب المقدَّس" إصحاح ٢١ فقرة ٢٣: " .. لأنَّ المعلَّق لعنة من الله"، وفي "رسالة القديس بولس إلى أهل أغلاطية" (ص ٥٧٧) ٣/ ١٣: "إنَّ المسيح افتدانا من لعنة الشريعة إذ صار لعنةً لأجلنا؛ فقد ورد في الكتاب: ملعون من عُلِّق على الخشبة".
(٢) كذا في "الفِصَل" (٢/ ٤٧).
(٣) "الفِصَل" لابن حزم (٢/ ٤٥ - ٤٧).
(٤) تكرَّرت عبارة "فإن قيل .. والإنجيل" في الأصل.