للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و"العالمين": جمع أو اسم جمع لِعالَم (١). وجاء عن بعض السلف أنَّ المراد بهم الإنس، على أنَّ كل صنف منهم عالَم، وكل قَرْن منهم عالَم.

وعن جماعة من السلف قالوا: الجنُّ والإنس، على نحو ما تقدَّم.

وقال غيرهم: الجنّ والإنس والملائكة.

وقال آخرون: بل كلُّ صنفٍ من أصناف الخلق.

أخرج ابن جريرُ (٢) عن ابن عباس قال: "الحمد لله الذي له الخلقُ كلُّه: السماواتُ كلهن ومن فيهن، والأرض كلهن ومن فيهن، وما بينهنَّ مما يُعلَم ومما لا يُعلم".

وهذا هو الظاهر المناسب للسياق، كما لا يخفى.

وإذ كان سبحانه وتعالى هو ربَّ العالمين، فإنَّ كل حمد يقع في العالمين فهو سبحانه وتعالى المستحقُّ له. فإذا كان مثلًا يُحمد العسلُ لحلاوتِه ونفعِه وغير ذلك، فالمستحقُّ للحمد هو الذي خلَقَه وهيَّأه وأقدرَه ويسَّرَه.

وهاهنا إشكالان (٣):

الأول: أن يقال: قد أثنى الله تبارك وتعالى على بعض خلقه، وأمرهم بالثناء على بعضهم، وكان الأنبياءُ يثنون على بعض الخلق؛ فإذا كان لا


(١) "روح المعاني" (١/ ٨١).
(٢) في "تفسيره" (١/ ١٤٤) وانظر الأقوال السابقة فيه، وفي "زاد المسير" (١/ ١٢) وغيرهما.
(٣) وسيذكر إشكالًا ثالثًا ويجيب عنه.