للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم وقفتُ على عبارة لبعض (١) المشاهير من المعاصرين (٢)، وهي أن

العبادة هي: "كلُّ تعظيمٍ وتقرُّبٍ قوليٍّ أو عمليٍّ لصاحب السلطان العلوي والقدرة الغيبية". وذكر أن هذا تحقيقٌ لمعنى "العبادة" أو حدٌّ لها. وكلُّ ما قيل غيره في تعريفها فهو رسم (٣).

وذكر في موضع آخر سبب تسمية مشركي العرب دعاء الأصنام وغيرها "عبادة"، وتسميتها "آلهة". قال: "وهو أنهم كانوا أهل اللغة، وكلُّ ما يُدعى ويُعتقد أنَّ له سلطةً وتأثيرًا وراء الأسباب المشتركة بين جميع المخلوقات، فاسمه في لغتهم إله ... وهذا الدعاءُ وكلُّ تعظيمٍ وعملٍ يُوجَّه إلى من يُعتقد فيه ما ذُكر، فاسمه في لغتهم عبادة" (٤).

ثم قال بعد كلام: "وينفرد اسم الإله بإطلاقه على ما عبد ولم يُعتقَد أنَّ له تأثيرًا في الخلق والتدبير كأصنام جاهلية قريش وغيرها؛ فإنهم لم يتخذوهم أربابًا، وإنما عبدوهم بالدعاء والذبائح ونحو ذلك، ليقرِّبوهم إلى الله تعالى ويشفعوا لهم عنده".

ثم قال بعد قليل: "فشرك الإلهية هو: كل دعاء وتعظيم وعمل باعثُه اعتقادُ تأثيرِ المعظَّمِ الموقَّرِ عند الله تعالى بحمله على جلب نفع أو دفع ضر، لولاه لم يفعله تعالى بمحض إرادته، فيكون له اشتراكٌ في حصول ذلك


(١) في الأصل: "وقفت لعبارة على بعض" من سبق القلم.
(٢) الظاهر أنه السيد رشيد رضا صاحب المنار.
(٣) انظر: "تفسير المنار" (١١/ ٢٠١) و"الوحي المحمدي" (ص ١٧٤).
(٤) لم أجد هذه العبارة والعبارة الآتية في "تفسير المنار" و"الوحي المحمدي".