للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن إجماعٌ فقولُ الواحد من الصحابة، فقولُ الصحابي أولى من غيره، ولاسيَّما من قامت الحجة على أنه بخصوصه من المنعَم عليهم كالخلفاء الأربعة وغيرهم. وقِسْ على هذا.

ومن إجماعهم: تركُهم لكثير من الأمور التي انتشرت بين المسلمين بعدَهم على أنها من الدين. فنقول: هذا الفعل بدعة؛ لأنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -

وأصحابه. ولو كان من الدين لما اتَّفقوا على تركه. والله أعلم.

" {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}

قال أهل العربيّة: إن كلمة "غير" لا تتعرف بالإضافة إلى المعرفة لتوغُّلها في الإبهام. واستثنى جماعة من محققيهم (١) ما إذا وقعت بين متضادين معرفتين، وذلك لزوال الإبهام؛ وهي ههنا كذلك.

فمن قال: لا تتعرَّف، حمَلَها في هذا الموضع على أنها بدل من "الذين". وإبدالُ النكرة من المعرفة جائز عند البصريين بشرط حصول الفائدة.

وقال الكوفيون: لا يجوز إلا إذا اتَّحد اللفظُ ونُعِتت النكرةُ (٢)، كما في


(١) ومنهم ابن السرَّاج والسيرافي. انظر: "توضيح المقاصد" (٧٩١) و"حاشية الصبان" (١/ ٣٦٦).
(٢) الشرط الأول وهو اتحاد اللفظ نقله ابن مالك عن الكوفيين في "شرح التسهيل" (٣/ ٣٣١). ولكن إعرابَ الكسائي والفراء لكلمة "قتال" في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: ٢١٧] بأنَّ خفضه على نية "عن" مضمرة= لا يؤيد ما نقله. انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ١٤١) و"إعراب القرآن" للنحاس (١/ ١٠٧). ونبَّه على ذلك أبو حيان في "ارتشاف الضرب" (١٩٦٢) وقال: "ونسب بعض أصحابنا ما نقله ابن مالك عن الكوفيين إلى نحاة بغداد لا إلى نحاة الكوفة".