للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومع أن ابن الجوزي دافع عن أبي الحسن، فلم يذكر أن أحدًا من حفاظ الحنابلة أو غيرهم وثَّقه، ولا وثقه هو، بل اقتصر على أنه لا يجوز القطع عليه بالكذب. وإنما ذَكَر قولَ أبي يعلى ابن الفراء الحنبلي: «رجل جليل القدر، وله كلام في مسائل الخلاف، وتصنيف في الأصول والفرائض» (١).

والذي يتحصَّل هنا: أنه لم يثبت ما يُقطع به على أبي الحسن أنه وضع الحديث، لكنه مع ذلك لم يثبت على قواعد الرواية ما يقتضي أن تجبَ الحجةُ بروايةٍ ينفرد بها. فأمَّا الخطيب، فمَنْ أنصفَ علِمَ بأنه لم يتعدَّ ما يوجبه عليه فنُّه ومقامُه. والله أعلم.

١٤٥ - [١/ ٣٢٩] عبد الملك (٢) بن حبيب القرطبي. أحد مشاهير المالكية:

ذكر الأستاذ (ص ٦) عن الباجي: «روى عبد الملك بن حبيب، أخبرني مطرِّف: أنهم سألوا مالكًا عن تفسير الداء العضال ... ». وفيه قول الباجي: «وعندي أن هذه الرواية غير صحيحة ... ».

قال الأستاذ (ص ٨): «ووجهُ حكمه يظهر من ترجمة مطرِّف ... وعبد الملك في كتب الضعفاء».

أقول: كان ابن حبيب فقيهًا جليلًا نبيلًا صالحًا في نفسه، لكن لم تكن الرواية من شأنه، كان يتساهل في الأخذ، ويروي على التوهُّم. هذا محصَّل


(١) نقله عنه الخطيب في «تاريخه»: (١٠/ ٤٦١)، وذكره ابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة»: (٣/ ٢٤٦ - ٢٤٨).
(٢) وقع في (ط) محرفًا «عبد الله»!