للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أن إسحاق ابن الطباع قال: «حدَّثتُ محمدًا يومًا بحديث، قال: فرأيتُ في كتابه ملحقًا بين سطرين بخط طريّ». والرجل كان أعمى فالملحِق غيره حتمًا، ورواية الأجلة عنه وشهادة جماعة منهم له بأنه صدوق تدل أن الإلحاق لم يكن بعلمه.

فأما قول ابن حبان: «كان أعمى يلحق في كتبه ما ليس من حديثه ويسرق ما ذوكر به فيحدِّث به»، فإنما أخذه من هذه القضية، وقد بان أن الإلحاق من غيره. وإذا كان بغير علمه ــ كما يدل عليه ما سبق ــ فليس ذلك بسرقة. فالحكم فيه أن ما رواه الثقات عنه ونصُّوا على أنه من كتابه الذي عرفوا صحته فهو صالح، ويُتوقَّف فيما عدا ذلك.

فأمَّا هذه الحكاية، وهي قوله: «سرق أبو حنيفة كتاب حماد مني» فليست بمظنة الاختلاط ولا الإلحاق. ثم إن أراد بسرقة الكتاب سرقة الحديث، أي أنَّ أبا حنيفة سمع منه عن حماد أحاديث، فرواها أبو حنيفة عن حماد؛ فهذا ظن منه لا تقوم به حجة، فإنَّ أبا حنيفة قد صحب حمادًا واختص به، فلعل ما سمعه من محمد بن جابر كان عنده عن حماد. وإن أراد سرقة الكتاب نفسه فلم يبيِّن كيف عرف ذلك؟ وقد يكون كان في مجلس فيه أبو حنيفة وغيره، ففقد كتابه، ثم بلغه أن أبا حنيفة يحدِّث عن حماد، فتوهم ما توهم، وليس في هذا حجة. وقد جاء عنه ما لو صح لكان تفسيرًا لهذا، حكاه الأستاذ بحاشية (ص ١١٥) (١) وهو أن العقيلي (٢) أخرج بسند


(١) الأصل: «١٥». [ن].
(٢) في «الضعفاء»: (٦/ ١٦٠ ــ ت السرساوي).