للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد يستدل به على أن الماء يصير باغتسال الجنب فيه نجسًا أو غير مطهِّر. فأما النجاسة، فرويت عن أبي حنيفة، ثم رغب عن ذلك الحنفيةُ أنفسهم. وأما سلب التطهير فوافقهم عليه فيما دون القُلتين الشافعية والحنابلة. ومن يأبى ذلك يقول: إن علة النهي هي التقذير. وقد يحتمل غير ذلك من العلل تظهر بالتأمل، فيساوق التعليل عموم النص. وأما التفرقة بين الدائم والجاري فقد مرَّ ما فيها. وكذا إن قيل: إنَّ الحديث يدل على حصول المفسدة في الماء الذي يمكن أن يغتسل فيه الجنب ولا يكون إلا فوق القُلتين. فقد مرَّ مثله، والجواب عنه.

وأما الأمر السادس، وهو قول الأستاذ: "فدعونا معاشرَ الحنفية نتوضأ من الحنفيات ولا نَغْطِس في المستنقعات"، فيأبى الأستاذ إلا التقليد حتى في السخرية (١)!


(١) أقول: لقد فات المصنفَ رحمه الله تعالى النظرُ فيما ادعاه الأستاذ من اعتراف ابن دقيق العيد بقوة احتجاج الحنفية بحديث الماء الدائم، فإن الواقع خلافه. فهاك نصَّ كلامه في الشرح المذكور (١/ ١٢١ - ١٢٥ بحاشية "العدّة"): "وهذا الحديث مما يستدل به أصحاب أبي حنيفة على تنجيس الماء الراكد وإن كان أكثر من قُلتين، فإن الصيغة صيغة عموم. وأصحاب الشافعي يخصون هذا العموم، ويحملون النهي على ما دون القُلتين. فيحمل هذا الحديث العام في النهي على ما دون القُلتين جمعًا بين الحديثين، فإن حديث القُلتين يقتضي عدم تنجيس القُلتين فما فوقهما. وذلك أخص من مقتضى الحديث العام الذي ذكرناه. والخاص مقدم على العام".
فليتأمل القارئ في كلام ابن دقيق هذا: أهو اعتراف أم اعتراض! [ن].