للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زُر مَن تحبّ وإن شطّت بك الدارُ ... وحال من دونه حُجْبٌ وأستارُ

لا يمنعنّك بُعدٌ من زيارته ... إن المحب لمن يهواه زوّارُ

فالتفت - صلى الله عليه وسلم - إليَّ فقال: هل سمعت؟ ثم انتبهت، فتقوّت النية ... " اهـ.

ودلالة هذا الخروج المبكّر من البلاد قبل الحج بنحو تسعة أشهر واضحة في أن المؤلف حزم أمره على المغادرة النهائية لبلدته والتوجه للسياحة في البلاد وطلب العلم، وربما لم يكن الشيخ قد اتخذ قرارًا حازمًا للاستقرار لدى الإدريسي بدليل أنه لم يمرّ به ولم ينزل عنده في أثناء سفره إلى الزيارة ثم الحج، وإلا كان بإمكانه ــ وفي الوقت متسع ــ أن ينزل عنده ثم يتوجه إلى الحج، لكنه فيما يظهر ذهب إلى المدينة المنورة للزيارة تحقيقًا لتلك الرؤيا التي سلفت، ثم توجّه بعدها إلى الحج. وقد وجدت له في "ديوانه" (١) أبياتًا يتشوّق فيها إلى الحج كتبها سنة ١٣٣٦ يقول فيها:

متى يبلغ المشتاق مَقْصِده الأسنى ... متى تُنجز الأيام آمالَه الحسنى

متى يشهد النور الجمالي ساطعًا ... حواليه في هاتيكم الروضة الغنّا

متى يتراأى نورَ مكة يقظةً ... وقد حقق الرحمنُ آماله مَنّا

متى نبهَرُ البيتَ الرفيعَ عمادُه ... فنغتنم القربى ونستلم الركنا

ولابد أن نبتاع كتبًا شريفةً ... تكون لنا من جهلنا دائمًا حِصْنا

فيا طالما اشتقنا إلى نيلها ولم ... نَزَل نتمنّى نيلها مُذْ تحقَّقْنا

ومما يؤكد أن وجهته لم تكن محددة حين خروجه من بلدته تعليقٌ وجدناه بخط الشيخ جاء فيه: "إنه لما كان ليلة الخميس ٨ شهر ربيع الأول


(١) (ق ٧٤).