للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم" (١).

وسيأتي أنَّ في سياق الأحاديث ما يؤيد ظاهرَها من أنَّ المراد بهذا الشرك: الشرك الحقيقيُّ، لا ما يحمله عليه بعض الناس من الرئاء، إلَّا أنَّه وإن كان شركًا حقيقيًّا في نفسه فقد دلَّت الأحاديث على أن مَنْ وَقَعَ منه وهو لا يعلم أنه شركٌ فهو معذورٌ، أي ــ والله أعلم ــ بشرط ألَّا يكون مقصِّرًا تقصيرًا هادمًا. وسيتَّضح لك ــ عندما تعلم حقيقة معنى الإله ومعنى العبادة، ومعنى الشرك ــ أَنَّ كثيرًا من الآراء والأقوال والأفعال التي لا يكاد يسلم منها أحدٌ غير من عصمه الله يَصْدُقُ عليها لولا العذر أنها شركٌ.

اللهمَّ إنَّا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم.

[(٢) ومما يدل على هذا ما أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي علي الكاهلي قال: خطبنا أبو موسى الأشعري، فقال: يا أيها الناس، اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل. فقام إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضاب، فقالا: لتخرجَنَّ مما قلت أو لنأتينَّ عمر مأذون (٣) لنا أو غير مأذون، قال: بل أخرج مما قلتُ. خطبنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ذات يومٍ، فقال: "أيها الناس، اتقوا هذا الشرك؛ فإنه أخفى من دبيب النمل فقال له مَن شاء الله أن يقول: وكيف نتَّقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: "قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئًا


(١) مسند أحمد ٤/ ٤٠٣. [المؤلف]، وفي إسناده: أبو علي رجل من بني كاهل، لم يوثقه إلا ابن حبان.
(٢) من هنا إلى نهاية الفصل ملحق ص ٣٢ من المخطوط.
(٣) كذا في الأصل والمسند، وفي التاريخ الكبير ومجمع الزوائد: (مأذونًا)، وهو الوجه.