للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت سورة الجمعة، فتلاها، فلما بلغ {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قال له رجل: يا رسول الله! مَن هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يكلِّمه، قال: وسلمان الفارسي فينا، قال: فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سلمان يده فقال: "والذي نفسي بيده، لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجالٌ من هؤلاء". فما معنى الحديث؟ ذكر المؤلف أنه ليس فيه التصريح بأن فارسًا هي المراد بقوله تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ}، بل أعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السائل ليردَّه الإعراض إلى التدبُّر، ثم نبَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه كان الأولى بالسائل أن يسأل عن أمر آخر، وهو: هل التعليم والتزكية يختص بالأميين أو لا يختص؟ فأجاب عن هذا بقوله: "لو كان الإيمان بالثريا ... "، أي أنه لا يختص. وهذا هو الذي يسمّيه البلاغيون "الأسلوب الحكيم". قال المؤلف: "هذا بحمد الله ظاهر جدًّا، وإن لم أرَ من نبَّه عليه". وهذا تحقيق نفيس يُشَدُّ إليه الرحال، يُدفع به التعارض بين سياق الآية وظاهر ما يُفهم من الحديث، ولم يسبقه أحدٌ فيما أعلم.

وفي الرسالة أبحاث وتحقيقات أخرى متناثرة في اللغة والتاريخ والرجال، وفيها أيضًا الكلام على الإسناد المشهور في كتب التفسير: (أسباط عن السدّي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - .... )، ما المراد بذلك؟ وكيف صار هذا الإسناد في أول تفسير كثير من الآيات بهذا الشكل؟ قال المؤلف بعدما ذكر أقوال بعض العلماء: والذي يقع لي: أن هذه كانت نسخة عند السدّي لم يكن فيها إسناد، فأخذها أسباط، وسأله عن إسنادها، فقال: "عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس، وعن مرة عن