للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُترة المصلي في الجملة.

ومن أهل العلم من بقي على عموم النهي، وهو الحق إن شاء الله تعالى.

فأما حديث ابن عمر فليس بصريح في المخالفة؛ لاحتماله أن مقصود ابن عمر إنما هو الإنكار على من يُسوِّي بين الكعبة وبيت المقدس، وبيان أن استقبال بيت المقدس غير محظور، ويكون رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قاعدًا يبول مستقبل بيت المقدس، ولا يلزم من ذلك إخلال في حق الكعبة؛ لأن استدبار البائل لها، ولاسيَّما إذا كان مستور الدبر، كما هو المعروف في عادة العرب؛ لأن غالب لباسهم الأزر، فأما من زعم أن مثل هذه الحال داخلة في النهي، فقد أبطل.

أما أولاً: فلأن الروايات الصحيحة التي قدمتُها لا تشمل هذه الحال، فإن جاء في بعض الروايات ما يظهر منه شمولها فهو من تصرف الرواة، فلا يُعبأ به، والواجب في ذلك حمل المطلق على المقيد.

وأما ثانيًا: فالمعقول أن هذه الحال أبلغ في احترام القبلة مِمَّا ثبت الإذن به، واتفق عليه الناس، وهو أن يشرق أو يغرب من كانت قبلته في الشمال أو الجنوب.

فإن قيل: إن فيه مواجهتها بالدُّبر.

قلت: مثله مباح إجماعًا في المشي والجلوس وغير ذلك، ونظيره المفروض من استقبالها في الصلاة، مع أن فيه مواجهتها بالقُبُل.

فإن قيل: فإن قول ابن عمر: "مستدبر القبلة" قد يُشعِر بخلاف ما ذكرتَ.