للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: قال الحافظ في "الفتح" (١): "والظاهر من قوله: "ببولٍ" اختصاص النهي بخروج الخارج من العورة، ويكون مثار إكرام القبلة عن المقابلة بالنجاسة ... وقيل: مثار النهي: كشف العورة".

أقول: الذي تدل عليه الأحاديث هو الأول، أعني النهي عن أن يبول الإنسان مستقبلًا القبلة، أو يتغوط مستدبرًا لها.

فقوله: "عن المقابلة بالنجاسة" إن أراد به عن هذه النجاسة الخاصة حال إخراجها من البدن فذاك، وإن أراد به التعميم فيشمل أن القصد مستقبلًا القبلة بالفروج، دون أن يكون في إناءٍ بولٌ فيُراقَ إلى جهة القبلة، فليس هذا في النصوص، ولا في معنى ما فيها، كما يأتي في بيان العلة، إن شاء الله تعالى.

وأما الثاني: وهو كشف العورة، فخلاف المتبادر من النصوص، وخلاف قوله: "إذا أتى أحدكم الغائط"، وقوله: "ببول أو غائط"، وإهمالٌ لما ذكرته النصوص، ونَصْبٌ لما لم تذكره، وإطلاقٌ لما قيدتْ به الاستقبال؛ من كونه عند قضاء الحاجة ببول أو غائط، وتقييدٌ لما أطلقته من ذلك، إذ لم تقيد بالكشف، فالصواب الأول.

المبحث الثالث: العلة، اشتهر بينهم أنها الإكرام عن أن تُستقبَل بالبول والغائط، وأوضحه بعض المحققين بقوله: "لمنافاة الإخراج المذكور لما شُرِع استقبالها لأجلهِ، وهو الصلاة".

وأقول: الحكم المنصوص: نهي، فيقتضي أن العلة مفسدة فيما نهي عنه،


(١) (١/ ٢٤٦).