للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة شرطية الصوم على قياس العكس كما طبق الحديث، ولا يخفى عليكم حقيقة العلة والتعاكس عند الأصوليين، وإنما نريد بذلك معرفة كيفية الاستدلال بقياس العكس فيها، لا استفادةَ الحكم وتسليمه، فإن لنا في النصوص الصحيحة ما يُقِرُّ الناظرَ ويُخرِس المناظر:

أولها: ما في "شرح السيد المرتضى على الإحياء" بعد نقل حديث الصحيحين وأبي داود والنسائي (١) من طريق عُقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العَشْرَ الأواخر من رمضان حتى قبضه الله عزَّ وجلَّ، ثم اعتكف أزواجُه من بعدِه. قال (٢): ثم قد استُدِلَّ بالحديث المذكور أنه لا يُشترط لصحة الاعتكاف الصومُ، وذلك من وجهين: أحدهما: أنه اعتكف ليلاً أيضًا مع كونه فيه غيرَ صائم، ذكره ابن المنذر. ثانيهما: أن صومه في شهر رمضان إنما كان للشهر؛ لأن الوقت مستحقّ له، ولم يكن للاعتكاف. ذكره المزني والخطابي. وبهذا قال الشافعي وأحمد في أصح الروايتين عنه، وحكاه الخطابي (٣) عن علي وابن مسعود والحسن البصري. وقال مالك وأبو حنيفة والجمهور: يُشترط لصحة الاعتكاف الصومُ، ورُوي ذلك عن علي وابن عمر وابن عباس وعائشة، وروى الدارقطني (٤) في حديث عائشة المتقدم من رواية ابن جريج عن


(١) البخاري (٢٠٢٦) ومسلم (١١٧٢) وأبو داود (٢٤٦٢) والنسائي في الكبرى (٣٣٢٤).
(٢) "إتحاف السادة المتقين" (٤/ ٢٣٣، ٢٣٤).
(٣) "معالم السنن" (٣/ ٣٣٩).
(٤) في "السنن" (٢/ ٢٠١).