للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المراجعة، فإنه يقول: إن الطلقة الثالثة إنما ذكرت في قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا}.

وأما من قال: المرتان طلقتان في كل طهر واحدة، فلا بد أن يوافق أحد القولين المتقدمين، ولو كان يقول بخلاف ذلك لكان الظاهر أن يحكيه ابن جرير.

نعم، ذكر ابن جرير (١) في تفسير {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ} عن ابن عباس قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} يقول: "إن طلَّقها ثلاثًا لا تحل حتى تنكح زوجًا غيره".

رواه من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، وفي كل منهم كلام، وهو مع ذلك منقطع، فإن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وصحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يستأنس بها أهل العلم، ولا يحتجون بها.

على أن هذا الأثر لو صح لوجب حملُه على معنى "إن طلَّقها" الثالثةَ، فتمَّ طلاقُها "ثلاثًا"، توفيقًا بين هذا وبين الروايات الصحيحة عنه (٢).

واحتج أهل المذهب الثاني بالآية {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} فإن المراد بالإمساك المراجعة، وبالتسريح الطلاق، كأنه قال: وبعد المرتين إما مراجعة وإما طلاق.

وهذا يدل أن المرة الثانية طلاق لم يعقبه رجعة، إذ لو كانت طلاقًا


(١) في "تفسيره" (٤/ ١٦٦).
(٢) هنا نهاية الملحق، وما بعدها وراء صفحة الملحق.