للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن العرف جرى بذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، إذا قيل: "راجع فلان امرأته" ظهر من ذلك أنه طلَّقها، فأقلُّ ما فيه أنه حقيقة عرفية ثابتة في عهده - صلى الله عليه وآله وسلم -.

فإن قيل: إذا سلم هذا، فإنما أطلقها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لأن الذي وقع صورة طلاق.

قلت: إنما فزع عمر وابنه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ليبين لهم، وهذا مخالف للبيان.

فإن قيل: قد بيَّن بقوله: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" فنبَّه بذلك على أن ما وقع من ابن عمر كان على خلاف ما أمر الله، وهذا يُشعِر بعدم وقوعه، على ما تقدم في الجواب عما احتج به الجمهور من القرآن.

قلت: ليس هذا بالبين.

قالوا: وأما الحجة الثانية فلا يتعين ما قلتم لاحتمال أن يكون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أمره بالإمساك في ذلك الطهر معاملةً له بنقيض قصده من الاستعجال، وإظهارًا لبطلان تلك الطلقة، ولهذا ــ والله أعلم ــ أمره بأن يمس في ذلك الطهر، ولو أذن له بالطلاق فيه فطلق لحصل مقصوده من الاستعجال، ولم يظهر أثر بطلان تلك الطلقة التي طلَّق في الحيض.

[ص ٣] وأما الحجة الثالثة: فلم يتبين لنا متى حُسِبَتْ عليه، فقد ثبت في "صحيح مسلم" (١) عنه: "ثم طلَّقتُها لطهرها".


(١) رقم (١٤٧١/ ١١).