للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زعم أن ميراث الزوجين وصية من الله، فيُخرج من رأس المال، وميراث غيرهم فريضة، فيكون في الثاني بعد ميراث الزوجين. فإنه يُردّ بأن ميراث الأبناء والآباء وصية بدخولها تحت قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ}. وسيأتي لهذا مزيدٌ إن شاء الله تعالى.

وفي "فتح الباري" (١) نقلًا عن السهيلي: "وقال: {فِي أَوْلَادِكُمْ} ولم يقل: "بأولادكم" إشارةً إلى الأمر بالعدل فيهم، ولذلك لم يخصَّ الوصية بالميراث، بل أتى باللفظ عامًّا، وهو كقوله: "لا أشهدُ على جور" (٢).

أقول: قد تقدم أن التقدير: " (في) شأن (أولادكم) وسيأتي أن التقدير فيما يأتي: "بأن يكون (للذكر ... ) ".

(الأولاد)

قد مرَّ في آية الوصية معنى الولادة، ونقول هنا: إن الأولاد جمع ولد، والولد مشتق من الولادة، فهو في الأصل مَن ولدتْه المرأة، ولكنه تُوسِّع فيه كما تُوسِّع في "والد"، فأُطلق بمعنى الابن، وبهذا الاعتبار نُسِب إلى الذكر، فقيل: هذا ولدُ زيدٍ.

ولا يلزم مما ذكرنا إطلاقه على ابن الابن حقيقةً، أما بحسب الأصل فواضح، فقد مرّ أن معنى الولادة وضْعُ المرأةِ حَمْلَها، ولا شكَّ أن هذا لا يصدُقُ إلا على الموضوع نفسه، فلا يقال حقيقةً: إن حواء هي التي وضعتْ جميع البشر، ولا أن جميع البشر قد ولدوا أو أنها تلد بعد موتِها.


(١) (١٢/ ٣، ٤).
(٢) متفق عليه. أخرجه البخاري (٢٦٥٠) ومسلم (١٦٢٣) من حديث النعمان بن بشير.