للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفهمًا ما يفهمه «ما قارب أن يفعل» والعلة في ذاك ظاهرة وهي أنهم لما اعتزموا أن يقدموا على «كاد» حرف النفي ــ الذي حقه أن يكون متأخرًا عنها ــ امتنعوا خشية الإلباس من إدخال حرف النفي عليها مقدمًا أصالة.

لكن يظهر لي أنهم لم يمتنعوا من ذلك ألبتة، بل قد يأتون به إذا كانت هناك قرينة على المقصود.

والحجة على هذا مفصلًا (١).

وقد يقال: لما وضعوا «كاد» للدلالة على قرب خبرها من اسمها، واشترطوا أن يكون خبرها فعلاً؛ ليكون ــ لدلالته على الحالية ــ أدل على القرب المعنوي أكدوا (٢) ذلك بالتزام القرب اللفظي، وهو: أن لا يُقَدَّم على الفعل حرف، وقد يشهد لهذا إبعادهم «أَنْ» المصدرية فلا يقولون: «كاد أن يقعد» إلا نادرًا (٣)، ولا يلزمهم من الإتيان بـ «أن» نادرًا أن يؤتى بـ «لا» نادرًا لأن الترك هنا دليلٌ على التقديم فوجبت المحافظة عليه (٤).


(١) كذا في الأصل! تُرك بياضٌ بعد هذا الكلام.
(٢) هذا جواب: لمّا.
(٣) هو استعمال صحيحٌ فصيحٌ، جاء في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس خاصًّا بضرورة الشعر، كما ذهب إليه المرزوقي في شرح الحماسة (١/ ٥٤)، وقد سرد الشواهد على هذا ابن مالك في كتاب شواهد التوضيح (ص ١٥٩).
(٤) من قوله: «وقد يقال: ... » إلى هنا، كتب في الجانب الأيمن من الصفحة نفسها، ولم يوضع لها تخريجٌ أو إشارةٌ تعين مكانها، فرأيت ــ بعد التأمل ــ أن من المناسب إيرادها ههنا، والله أعلى وأعلم، وصلى الله على نبيه وآله وسلم.
فائدة: وُجد في بعض تعاليق المؤلف رحمه الله فائدة عن «ما كاد» نصها:
الصواب في «ما كاد» و «ولم يكد» أن النفي يجيء مسلطًا على «كاد»، كما هو الظاهر، فيلزمه عدم الوقوع.
وقد تجيء «كاد» مسلطة على النفي تقديرًا، كقوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}، والتقدير: وكادوا لا يفعلون. فيلزمه الوقوع.
وحمله كذلك على هذا التقدير أنك لا تجد في كلامهم: «كاد لا يفعل» و «لا يكاد لا يفعل».
وأما العلة في عدم ورود هذا، والتزام تقدم أدلة النفي فيحتاج إلى نظر.