للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحمدُ لله الملكِ المحمود، المقدَّسِ المعبود، الذي لا حقَّ لغيره في العبادة والسجود. الذي شمِلَ العالَمِين إنعامُه، وعمَّ جميعَ المخلوقين إكرامُه، وأُسِّست على قواعدِ الحِكَمِ أحكامه. الرَّحيمِ الغفَّارِ، المرجوِّ ثوابُه. العزيز الجبَّار، المخشيِّ عقابُه. المتكبِّرِ القهَّار، المرهوبِ عذابُه. الذي أحلَّ لنا الطيباتِ، وحرَّمَ علينا الخبائث المكروهات، وحثَّنا على مكارم الأخلاق وكرائمِ الصفات. سبحانَه، حَسَّن خَلْقَنا وأخلاقَنا، ووسَّعَ علينا أرزاقنا، وأفاض علينا نعمَه باطنةً وظاهرةً، وأرشَدَنا إلى ما فيه خيرات الدنيا والآخرة.

وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمدًا عبدُه ونبيُّه، بالهدى ودين الحق أرسَلَه. اللهمَّ فصلِّ وسَلِّم على رسولك مولانا محمدٍ، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأبرار، المصطفَين الأخيار، والتَّابعين لهم بإحسان.

أمَّا بعدُ ــ عبادَ الله ــ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتَّقوا الله ــ عبادَ الله ــ كما أسبَغَ عليكم نِعمَه. واجتنبُوا مواردَ غضبِه، كما دفع عنكم نِقَمَه. وأقلِعُوا عن القبائح، وامتنِعُوا عن معاقرة الفضائح، واستمِعُوا ما تُمْحَضُون من النصائح. واقطَعوا بذكر الموت آمالَكم، وسارِعوا بالتوبة آجالكم.

أين مَن كان قبلكم من الملوك وأممها، مِن عربها وعجمها؛ وممَّن تعرفون من الآباء والإخوان، والأصدقاءِ والخُلَّان؟ كان لهم في مثل هذا اليوم شأنٌ وأيُّ شأن! فمِنْ منيبٍ إلى ربه، مخلِصٍ له بقلبه، مستغفِرٍ لذنبه، قد اتَّبعَ سنة نبيِّه، فلبسَ أفخرَ ثيابه، وتعطَّرَ بأحسنِ طيبه، وخرج إلى مصلَّاه