للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادة ربِّه وذكرِه، لم يقضِ شيئًا من شكرِه. فكيف يتكاسلُ عما أوجبه عليه، أم كيف يتجارأ (١) على ما حرَّمه عليه؟ كلَّا، إنَّ الإنسان لَيطغى. فعليكم ــ عبادَ الله ــ بطاعةِ الله ومراقبتِه في جميع أحوالكم، وتحرَّجوا في (٢) الصغائر، وواظبوا (٣) على السنن، فربما كان الصغيرُ عندكم كبيرًا عند الله تعالى.

واعلموا أنكم في شهر الله تعالى رجب، زعمتم في أوَّله أنكم ستعبدون الله فيه، وتتوبون إليه، فها هو قد مضى، وأنتم على تسويفكم وتعلُّلِكم! وهذا شعبانُ قادمٌ عليكم، ولعلكم ستمضون فيه بما مضيتم في رجب، حتى يفجأكم الأجلُ بغتةً. فالتوبةَ، التوبةَ، قبل فواتِ العمر وهجوم الأجل.

الحديث: عن أبي ذرٍّ الغِفاري رضي الله تعالى عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربِّه عز وجل أنه قال: "يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تَظالموا. يا عبادي، كُلُّكم ضالٌّ إلا مَن هديتُه، فاستهدُوني أهدِكم. يا عبادي، كلُّكم جائعٌ إلا من أطعمتُه، فاستطعِمُوني أُطعِمْكم. يا عبادي كلُّكم عارٍ إلا مَن كسوتُه، فاستكسُوني أكسُكم. يا عبادي إنكم تُخطئون بالليل والنهار. وأنا أغفر الذنوبَ جميعًا، فاستغفِرُوني أغفِر لكم. يا عبادي، إنكم لن تبلغوا ضَرِّي فتضُرُّوني، ولن تبلغوا نَفْعي فتنفَعوني. يا عبادي لو أنَّ أولَكم وآخِركم وإنسكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحدٍ منكم ما زادَ ذلك في مُلكي شيئًا. يا عبادي، لو أنَّ أولكم


(١) كذا في الأصل. وانظر تكملة دوزي (٢/ ١٦٢).
(٢) كذا في الأصل.
(٣) رسمها في الأصل بالضاد.