للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعادَانا. وعلى آله الذين بقرباه ارتفعوا، حتى سامَكُوا السِّماكَ علوًّا وارتفاعًا فضيلةً وشأنًا. وعلى أصحابه المنزَّلِ فيهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: ٢٩].

أيها الناسُ، أوصيكم وإيَّاي بتقوى الملكِ الجبَّار الذي هو على كل أفعالكم رقيبٌ، واتباعِ أوامره بلا معاندةٍ، فإنَّ أجلَ الله قريب؛ والكفِّ عن عصيانه قبلَ أن يُدرككم عذابُه المصيب. وعليكم بموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه، ليكون لكم من رحمته نصيب. {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} [غافر: ١٣].

عبادَ الله، كيف ترون نفوسَكم في معاملةِ ربِّ العالمين؟ هل تَفُون بما افترضَه عليكم، كما تَفُون بحقوقِ المخلوقين؟ أم تستحيون منه استحياءَكم من عباده العاجزين؟ أم تشكرون نعمَه المباشرةَ كما لو كانت بواسطة أحدٍ من عباده المملوكين؟ تالله، إنَّكم لتُعامِلون معاملةَ المستهين، وتتخبَّطون بين أوامره ونواهيه تخبُّطَ الأعشى لسوء اليقين، وتجترِمُون ما تستوجِبُون به عند الله [العذابَ] (١) المُهين، وتحترمون مَن أوجبَ معاداتَه من الظالمين، وتحسَبون أنَّه بفضل إيمانكم سيعاملكم كعباده المخلِصين. هيهات! فإنَّ دون الجنة نيرانًا يرِدُها المذنبون. {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا


(١) ساقط سهوًا.