للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، وإنَّ الله تعالى قد درأ عنكم نِقَمَه، وأجزلَ عليكم نِعمَه، فأقام لكم ولعامَّة الأمَّة هذا الإمامَ الموجود، وألزَمَه الحقَّ، فهو معَه لا يفارقُه، والهدى على كلِّ الأحوال مرافقُه. فيا سعادة من يُساعده، ويا شقاوةَ من يُعانده! قام والدِّينُ في غُمَّة، والعظائم مُهِمَّة، والكُرَبُ مُدْلهمَّة، والمصائبُ مُلْتَمَّة. فأغاث الغُمَّة (١)، ورفَعَ النِّقْمة، واستنزلَ النِّعمة، وكان بابَ الرحمة. ألا، وإنَّ من نظر بعين بصيرته، وتأمَّلَ حسنَ سيرته وسريرته، وكان ممن نوَّر الله تعالى قلبَه، وزكَّى لُبَّه= عرفَ لهذا الإمام حقَّه، واستيقن بأنه هو ــ وإن أبَى المعاندُ ــ والله، الشاهدُ. فعليكم باتِّباعِه وجمع قلوبكم مع ألسنتكم في محبته ومودته. ولا يختلسنَّكم الشيطان، فيختلجَ في عقولكم التهاونُ به، فتُخذَلوا في الباطنة والظاهرة، وتشقَوا في الدنيا والآخرة.

ألا، وإنَّ أحسنَ ما اتَّعظَ به من رُزِقَ التوفيقَ، ورَجَع به عن التكذيب إلى التصديق= كلامُ الله سبحانه وتعالى، فإنَّه حقيقة التحقيق. والله سبحانه وتعالى يقول: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٦]. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: ١٠ - ١٣].

الحديث: قال شفيعُ الأمَّة نبيُّ الرحمة - صلى الله عليه وآله وسلم -: "لا يؤمِنُ عبدٌ حتى يكون


(١) كذا في الأصل، ولعله أراد: "الأمَّة"، فسبق القلم.