للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما بعد ــ أيها الناس ــ فإنِّي آمركم ونفسي بتقوى الله، فقد أفلح من اتَّقاه. وأزجرُكم ونفسي عن عصيانه، فما [أخاب (١) من عصاه] وما أشقاه!

واعلموا ــ وفَّقني الله وإياكم ــ أنَّ الله تعالى عالمٌ بما أظهره العبدُ وما أخفاه، وما أكنَّه وما واراه؛ وأنه هو [العالم الذي] هو بكل شيء عليم خبير، القادرُ الذي هو على كل شيء قدير، الكافي الذي كفاكم جميع الأسوا، الواقي الذي يقيكم [كلَّ ضرر] وبلوى. ومع علمكم بذلك، فأنتم عن طاعته حائدون، وعلى عصيانه مواظبون، وعلى معاداةِ أحبابِه وحُبِّ أعدائه [ملازمون]، فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟

تأمرون بالمعاصي وتزجرون عن الطاعة، وتتَّبعون البدعة وتخالفون [الجماعة]. أما أنذَرَكم الله تعالى عذابَه؟ أما حذَّركم عقابَه؟ أما أسمَعَكم الصوت؟ أما كتَبَ عليكم الموت؟ أما خوَّفكم بنار الجحيم؟ أما أفزَعَكم [خوفُ العذاب الأليم]؟ [فما لكم عن] المواعظ نائمين، وفي مهامِه الغفلة [هائمين]؟ فافزعوا إلى الله تعالى بصدق النيَّة، واتركوا [الحميَّة حميةَ الجاهليَّة]، أتغضبون لأنفسكم، ولا تغضبون لخالق السماء والأرض؟ [ل ٥٥/ب] وتخافون من مصائب الدنيا، ولا تخافون من [أهوال الأخرى]؟

[فما لجدودكم] عن الطاعة ناقصة، ولحظوظكم عن (٢) الإنابة إلى الله تعالى ناكصة؟ وما لأفكاركم فيما لا علم لكم به خائضة، وفيما لا [يعنيكم رائضة؟ وما] لعقولكم لا تعقِلكم عن المآثم؟ وما لعيونكم لا تكِلُّ من النظر


(١) كذا سبق في الخطبة (٢٢).
(٢) في الخطبة (٢٢): "من".