للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاندَه، فحقَّتْ عليهم الكلمةُ أنَّهم من أهل الجحيم. وخاطب الناسَ بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨].

اللهمَّ فصلِّ وسلِّمْ على هذا النَّبيِّ سيِّدنا محمد، الذي طهَّرتَ من قُذُورات (١) الدنيا قلبَه، وأيَّدتَ بالنصر والظفر والتوفيق إلى السبيل حزبَه؛ وعلى آله الذين اختُصُّوا بقُرباه، فنالوا بها أنفعَ قُربَة؛ وعلى صحابته المُرْتَقِينَ لمتابعته أسمى رتبة، المنزَّل فيهم: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة: ٨].

أما بعد ــ يا عبادَ الله (٢) ــ فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى فإنَّ التقوى ثمرةُ الإيمان، والتعرضِ لنفحاته فإنه تعالى لم يزل عميمَ الإحسان، والتجنُّبِ لما نهى عنه قبل أن يُطبَع على قلوبكم بخاتم الخِذلان، وأقيموا الصلاةَ بالمحافظة على الشروط والأركان، وتوخِّي كلِّ عملٍ صالح قبلَ زوالِ الإمكان، والهَربِ من كلِّ عمل سيِّئ فإن السيئاتِ هلاكُ الإنسان؛ فإنَّ ربَّك هو الملكُ القديرُ {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ} [الشورى: ١٧].

عبادَ الله، اتَّقُوه واسعَوا في مرضاته، ولا تتخلَّفوا عن أحبابه الجائدةِ عليهم سحائبُ كرَمِه بأمطارِ هباته، واتبعوا الحسنات فكلُّ عبدٍ مؤاخَذ


(١) كذا، وقد وردت في الخطبة السابقة أيضًا.
(٢) أدخل الفاء على لفظ الجلالة بدلًا من "أوصيكم" سهوًا.