للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهمَّ فصَلِّ وسَلِّم على سيِّدنا محمد، الذي شرَّفتَ به الخلقَ وزكَّيتَ أعمالَهم، وبيَّنتَ به الحقَّ وأكملتَ لمتَّبعيه في طاعتك آمالَهم. وعلى آله الأُلى أصلحتَ لأجله أحوالَهم، وأصحابه الذين بذلوا في طاعتك معه نفوسَهم وأموالَهم، وأنزلت فيهم: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [سورة محمد: ٢].

أما بعد، فيا عبادَ الله، أوصيكم ونفسي الخاطئة بطاعةِ ربِّ الأرباب، والمحافظةِ على عبادته لِتدخلوا في جملة الأحباب، والمواظبة (١) عليها لِتَحقَّقَ لكم كلمةُ الثواب، والتجنُّبِ لمعصيته فإنه كما هو الغفور الرحيم، فإنه شديد العقاب. قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: ٤٠].

ابنَ آدم، إلى متى تُماطِلُ بالتوبة، وتُواعِدُ نفسَك بالتطهُّر من قبائح الأوزار، وتجتهد في الكبائر والصغائر، وتزعم أنك من الأخيار! وتتَّبع شهوتَك وهواك، وتظنُّك ستتنصَّلُ عن قبائحك بكواذب الأعذار. تُؤثِرُ هذه الدارَ على آخرتك، فويلٌ [لاختيارك] لهذا الإيثار. {يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: ٣٩].

هذا غريم آبائك الأولين، هذا مُبيد إخوانك الأقدمين، هذا هاذمُ لذَّاتِ المتنعِّمين، هذا هادمُ بناءات المتمكِّنين، هذا قاطعُ كلِّ وتين، هذا صادعُ كلِّ


(١) رسمها في الأصل بالضاد.