للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه ما هو شرك.

ومع هذا فهناك أعمال كثيرة ثابت (١) أنها مشروعة (٢)، وأن ثوابها أعظم، وبركتها جليلة، ودلَّ الكتاب والسنَّة وأقوال سلف الأمة وأئمتها على ذلك؛ فالمخذول كلّ الخذلان، والمحروم كلّ الحرمان، والخارج عن طريق العلم والإيمان والعقل والفهم = هو مَن يُقْدِم على شيء من تلك المحْدَثات، ويتشاغل بها، في حين أنه يمكنه صرف ذلك الوقت في الأعمال والأقوال الشرعية الثابتة، والثابتِ عظيمُ ثوابها وبركتها.

وإذا أجمع الأطباء على شيء أنه دواء نافع، واختلفوا في شيء فقال بعضهم: إنه مهم، وقال بعضهم: ضارٌّ ضررًا شديدًا، وقال بعضهم: لا يتحقَّق ضرره، وقال بعضهم: ربما يكون له نفع ما، ولكنه لا حاجة إليه للاستغناء عنه بالمجمع عليه= فالعاقل يستغني بالمجمع عليه، ويتجنب المختلف فيه.

وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].

وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشُّبهات فقد استبرأ لعقله ودينه، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمَى يوشكُ أن يقع فيه" (٣).

هذا في الحلال والحرام، فأما في الإيمان والشرك فالأمر أعظم، وكلُّ


(١) (ط): "ناس على" ولا معنى لها.
(٢) (ط): "مشروع".
(٣) سبق تخريجه في الخطبة الخامسة.