للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: أجبرت الرجل على الشيء يفعله، فهو مجبر. وجبرت العظم والفقير فهو مجبور؛ فإن أصل ذلك من جبر العظم المنكسر، وهو إصلاحه وعلاجه حتى يبرأ. وهو عام في كل شيء، على التشبيه والاستعارة؛ فلذلك قيل: جبرت الفقير إذا أغنيته: كأنه قد فقر ظهره، أي كسر فقاره. وكذلك يقال لليتيم: جبر الله يتمه. ويقال في الدعاء: اللهم اجبرنا، أي أصلح شئوننا. وفي الدعاء: يا جابر كل كسير؛ فجابر لا يكون إلا من جبر، وهو اسم الفاعل، ومفعوله/ مجبور. ومصدره: الجبر. ومنه قول العجاج:

قد جبر الدين الأله فجبر

وأهل اللغة ورواة الشعر يقولون: معنى فجبر، أي فانجبر أو فاجتبر ولكنه خرج لفظ المطاوعة والانفعال عن لفظ الفعل من الجابر. وهذا من الحروف النوادر، التي شرحناها، فلا يمتنع عندي أن يكون قوله في هذا البيت "فجبر" على معنى الدعاء بالزيادة، أي فلا زال الله يجبره، وهو أقيس من قولهم وتأولهم؛ لن الانفعال من هذا على الجبر، واجتبر، كما قال الراجز:

من عال منا بعدها فلا اجتبر ولا سقى الماء ولا رعى الشجر

وأما قوله: أجبرت الرجل على الشيء يفعله، نحو قولك: أجبر القاضي الخصم على الحق إجباراً، بمعنى ألزمه أوكرهه وقهره. ويقال: أجبر الله الخلق على ما أراد؛ أي/ خلقهم على مراده، فلا يقدرون أن يخرجوا عما أجبرهم عليه وقدره وقضاه. والفاعل من هذا: مجبر، بكسر الباء. والمفعول: مجبر، بفتح الباء لغة الإجبار. وقد روى

<<  <   >  >>