للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الحق مقطعه ثلاث يمين أو نفار أو جلاء

وقيل: جلا القوم عن منازلهم، غير متعد؛ لأنه في معنى انفعلوا، والانفعال لا يتعدى. وقد يقال: انجلوا، وهي لغة العامة، أخروجها على بناء انفعلوا، لما كان في معناه، وجاء مصدره على الجلاء، مفتوح الأول ممدودا على فعال، بوزن الذهاب، كما قال الله عز وجل: (ولَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَلاءَ). وفي لغة أخرى جلوتهم فأجلوا عن منازلهم، وعلى هذه اللغة قول أبي ذؤيب، يصف النحل والرجل الذي طردها ونفاها، عن خلايا العسل بالدخان:

فلما جلاها بالأيام تحيزت ثبات عليها ذلها واكتئابها

وحق الألف أن تزاد في فعل الناقل لهم عن منازلهم، وأن يقال: أجليتهم، فجلوا، والإجلاء على إفعال/ مصدر أجلوا، ومن هذا سميت: الجالية، وجمعها الجوالي: لأنهم جلوا عن أوطانهم. وكان قياس من قال: جلوت القوم عن منازلهم، أن يقول في المطاوعة منهم: فانجلوا، كما يقال: نفيته فانتفى، وقول أبي ذؤيب يقوي لغة العامة، في جلوتهم فانجلوا.

وأما قوله: وتقول: غرت على أهلي أغار غيرة، وغار الرجل فهو غائر، إذا أتى الغور، وغار الماء يغور غورا، وغارت عينه غئورا، وغار الرجل أهله إغارة وغارة، وأغار الحبل إغارة، إذا أحكم فتله؛ فإن الذي ذكره في هذا الفصل خاصة من أصلين مختلفين، أحدهما عينه واو، والآخر عينه ياء، ولم يجب أن يجمعها، فأما ذوات الواو منها فهو في معنى الهبوط والنزول والانحدار من علو إلى سفل، والغوص في الماء، وفي الفكرة يقال: إنه لبعيد الغور؛ أي بعيد القعر، فلذلك قال: غار الرجل، إذا أتى الغور؛ لأن

<<  <   >  >>